الفرض الرابع: أن يكون العلم بالحكم، مأخوذا قيدا أو شرطا في موضوع نفس ذلك الحكم كما إذا قيل: " إذا علمت بوجوب القصر في السفر، يجب عليك القصر " أو " إن العالم بوجوب الإخفات في الصلاة يخافت فيها " على أن يكون الأمر بالقصر والإخفات وإيجاب القصر والخفت، منوطا بالعلم بالحكم، وحيث إن رتبة الموضوع مقدمة على رتبة الحكم، ويكون الموضوع مقدما على الحكم، فلا بد أولا من حصول الموضوع بتمام أجزائه وقيوده، حتى يترتب ثانيا وفي الرتبة المتأخرة حكمه، وعلى هذا كيف يعقل كون الحكم دخيلا في موضوع نفسه؟!
وهذا هو تقدم الشئ على نفسه، الذي هو وجه بطلان الدور الصريح هنا، فإن الموضوع متوقف على الحكم، والحكم متوقف على الموضوع، فيكون الموضوع متوقفا على نفسه، أو الحكم متوقفا على نفسه.
ولأجل هذه المشكلة العقلية، يشكل الأمر في موارد اختصاص الحكم بالعالم، ومن تلك الموارد - مضافا إلى ما أشير إليه - موارد جريان قاعدة " لا تعاد... " بالنسبة إلى الجاهلين: القصوري، والتقصيري، فإن الشارع العالم الواقف على الكليات والجزئيات، يجد أنه في صورة الجهل لا إعادة ولا قضاء، فإذن لا يتمكن من إيجاب الشرائط والأجزاء على كل تقدير، ولازمه اختصاص الجزئية والشرطية بالعالم، لأن الجاهل لا تكون صلاته محكومة بالجزئية والشرطية بالقياس إلى ما يشمله إطلاق المستثنى منه. وهكذا في كثير من أحكام الحج، مما لا يكون الجاهل شريك العالم في الحكم (1).