ولا يخفى أنه لا مجال بعد اندفاع الاشكال بذلك للاشكال في خصوص الوسائط من الاخبار، كخبر الصفار المحكي بخبر المفيد مثلا، بأنه لا يكاد يكون خبرا تعبدا إلا بنفس الحكم بوجوب تصديق العادل الشامل للمفيد، فكيف يكون هذا الحكم المحقق لخبر الصفار تعبدا مثلا حكما له أيضا، وذلك لأنه إذا كان خبر العدل ذا أثر شرعي حقيقة بحكم الآية وجب ترتيب أثره عليه عند إخبار العدل به، كسائر ذوات الآثار من الموضوعات، لما عرفت من شمول مثل الآية للخبر الحاكي للخبر بنحو القضية الطبيعية، أو لشمول الحكم فيها له مناطا، وإن لم يشمله لفظا، أو لعدم القول بالفصل، فتأمل جيدا.
ومنها: آية النفر، قال الله تبارك وتعالى: ﴿فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة﴾ (1) الآية، وربما يستدل بها من وجوه:
أحدها: إن كلمة (لعل) وإن كانت مستعملة على التحقيق في معناه الحقيقي، وهو الترجي الايقاعي الانشائي، إلا أن الداعي إليه حيث يستحيل في حقه تعالى أن يكون هو الترجي الحقيقي، كان هو محبوبية التحذر عند الانذار، وإذا ثبت محبوبيته ثبت وجوبه شرعا، لعدم الفصل، وعقلا لوجوبه مع وجود ما يقتضيه، وعدم حسنه، بل عدم إمكانه بدونه.
ثانيها: إنه لما وجب الانذار لكونه غاية للنفر الواجب، كما هو قضية كلمة (لولا) التحضيضية، وجب التحذر، وإلا لغى وجوبه.
ثالثها: إنه جعل غاية للانذار الواجب، وغاية الواجب واجب.
ويشكل الوجه الأول، بأن التحذر لرجاء إدراك الواقع وعدم الوقوع في محذور مخالفته، من فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة، حسن، وليس بواجب فيما لم يكن هناك حجة على التكليف، ولم يثبت ها هنا عدم الفصل، غايته عدم