وما رواه الشيخ في التهذيب عن زرارة (1) في الصحيح " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يعطي المتاع فيقال: ما ازددت على كذا وكذا فهو لك، فقال: لا بأس " ورواه بسند آخر في الموثق عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام مثله.
وهذه الأخبار كما ترى متفقة الدلالة على ما قاله الشيخان، وردها بأنها أخبار آحاد خارج عن جادة السداد.
بقي الكلام في أن الظاهر أن هذا من باب الجعالة، ومال الجعالة يجب أن يكون معلوما، وهنا ليس كذلك، وهذا هو السبب في منع ابن إدريس هنا من صحة ما ذكره الشيخ، وفيه ما ذكره جمع من الأصحاب من أن وجوب معلومية الجعالة إنما هو في موضع يؤدي الجهل بها إلى التنازع، وهو منفي هنا، إذ الزيادة للواسطة متى زاد على ما قومه عليه التاجر مهما كانت الزيادة قليلة أو كثيرة، وإلا فلا شئ له لحصول التراضي على ذلك، بخلاف الجعالة المجهولة المؤدية إلى التنازع، وبذلك يظهر الفرق بين ذلك، وبين ما إذا قال الواسطة: خبرني بثمن المتاع واربح علي فيه ففعل، فإن الزيادة للتاجر وللواسطة أجرة المثل، فإنه على هذه الصورة لا بيع ولا جعالة، فمن أجل ذلك حكم بالزيادة للتاجر، وللواسطة بأجرة المثل، فاعتضاد ابن إدريس هذه الصورة في الرد على الشيخ حيث قال: وقول الشيخ ثانيا إلى آخره ليس في محله، لظهور الفرق، وقد تقدم تحقيق القول في هذا المقام في الفصل الخامس في المرابحة والمواضعة والتولية هذا.
والنهي عن البيع مرابحة في موثق سماعة أما من حيث أنه لم ينتقل المبيع إليه بهذا الكلام الذي وقع بينهما، لعدم تحقق البيع بمجرد التقويم عليه هذا إن كان باع لنفسه، وإن كان للتاجر وكالة فرأس المال غير معلوم، لأن تقويمه على الدلال بقيمة أعم من أن يكون برأس المال أو بزيادة فيه، بل الغالب هو الثاني، والواجب في بيع المرابحة معلومية رأس المال والربح، وأما ما حكم به الشيخان من صحة البيع لو باعه