بأقل مما قومه عليه، وأن على الدلال تمام القيمة، وقول ابن إدريس إن البيع هنا باطل فالظاهر أنه متفرع على الكلام في صحة البيع الفضولي وبطلانه وظاهر ابن إدريس الثاني، وأما على تقدير القول بصحته فينبغي التفصيل في المقام بأنه إن رضي المالك، وأجاز البيع المذكور فليس له المطالبة بما زاد على القيمة التي باع بها الواسطة، وإن لم يجز البيع فإن له المطالبة بعين ماله إن كانت العين قائمة، فيلزم الدلال بتخليصها وارجاعها، وإن تعذر ذلك كان له الرجوع على الدلال بالقيمة، وعلى هذا فينبغي أن يحمل كلام الشيخين هنا على ما إذا لم يجز البيع، وتعذر الرجوع إلى العين.
السابعة: قد صرح الأصحاب بأن أجرة الكيال والوزان على البايع، وأجرة الناقد ووزان الثمن على المشتري، وأجرة الدلال على الآمر، ولو باع واشترى فأجرة البيع على الآمر به، وأجرة الشراء على الآمر به.
أقول: والوجه في الأولين ظاهر، لأنه يجب على البايع توفية المشتري المبيع وتسليمه بعد معلوميته بالكيل والوزن، وحينئذ فأجرة هذا العمل عليه لو لم يفعله بنفسه، ونقد الثمن ووزنه، واجب على المشتري، لأنه يجب عليه توفية الثمن وتسليمه فيجب عليه أجرة هذا العمل لو لم يفعله بنفسه.
وأما الثالث فكذلك، لأن لدلال بمنزلة الأجير، فإن كان وكيلا في البيع فأجرته على البايع، وإن كان في الشراء فأجرته على المشتري.
بقي هنا شئ وهو أن الشيخ رحمه الله، قال في النهاية: لو نصب نفسه لبيع الأمتعة كان له أجر البيع على البايع، ولو نصب نفسه للشراء كان له أجرة على المبتاع، فإن كان ممن يبيع ويشتري كان له أجرة على ما يبيع من جهة البايع، وأجرة على ما يشترى من جهة المبتاع انتهى.
وقال ابن إدريس: في قوله فإن كان ممن يبيع ويشتري إلى آخره ولا يظن ظان أن المراد بذلك في سعلة واحدة يستحق أجرين، وإنما المراد بذلك أن من كان صنعته يبيع تارة للناس، ويشتري لهم تارة، فيكون له أجرة على من يبيع له