ثم إن ما ذكره الأصحاب من الرجوع للحاكم الشرعي وأطالوا به، وفرعوا عليه لا وجود له في أخبار المسألة كما سمعت، إلا أن العذر لهم ظاهر من جهة عدم ذكرهم لما نقلناه من هذه الأخبار، بل عدم وقوفهم عليها، وإن كانوا غير معذورين من جهة التتبع للأدلة من مظانها، والاستعجال في التصنيف وجمود من اللاحق على ما ذكره السابق، نسأل الله سبحانه لنا ولهم المسامحة في زلات الأقدام، والعفو عن هفوات الأقلام، وزيغ الأفهام في الأحكام.
قال: في المسالك: ومصرف هذه الصدقة مصرف المندوبة، وإن وجبت على المديون أو وارثه بالعارض، فإنه بمنزلة الوكيل والوصي الذي يجب عليه الصدقة وإن كانت في أصلها مندوبة انتهى.
ورابعها: ما ذكروه من أنه مع القطع بموته وعدم وجود الوارث فهو للإمام عليه السلام وهو مما لا خلاف فيه بين علمائنا الأعلام، وبه استفاضت الأخبار كما تقدمت الإشارة إليه في كتاب الخمس في بحث الأنفال، وحيث أنا لم نعط المسألة حقها ثمة من التحقيق ونقل جملة الأخبار المتعلقة بها، حيث أن هذا الخاطر إنما خطر لنا في الكتب الأخيرة فتنقل هنا جملة أخبار المسألة وما يتعلق بها من البحث والتحقيق.
فمنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم (1) " عن أبي جعفر عليه السلام قال: من مات وليس له وارث من قرابته، ولا مولى عتاقه قد ضمن جريرته فما له من الأنفال ".
وفي رواية حماد بن عيسى (2) الطويلة المتقدمة في الكتاب المشار إليه آنفا قال: " فيه وهو وارث من لا وارث له ".