المسألة الخامسة: لا خلاف في أن الرهن لازم من جهة الراهن حتى يخرج من الحق الموجب للرهن، إما بأدائه ولو من متبرع عنه، أو ضمان الغير له مع قبول المرتهن أو الحوالة أو إبراء المرتهن له، قالوا: وفي حكمه الإقالة المسقطة للثمن المرهون به، أو الثمن المسلم فيه المرهون به.
وبالجملة فالضابط براءة ذمة الراهن من جميع الدين، وإذا خرج من بعضه دون بعض فهل يخرج الرهن بأجمعه عن الرهانة، أو يبقى كذلك أو بالنسبة، أوجه:
صرح في الدروس بالثاني، وهو ظاهره في الروضة أيضا، ولو شرط كونه رهنا على المجموع خاصة تعين الأول، كما أنه لو جعله رهنا على كل جزء جزء تعين الثاني.
السادسة: قال الشيخ في المبسوط: إذا وجد المرتهن بالرهن عيبا سابقا كان له الرد بالعيب، فيتخير معه في فسخ البيع، وإجازته بلا رهن إذا كان الرهن باقيا بالصفة التي قبضه، فأما إذا مات أو حدث في يده عيب فليس له رده في فسخ البيع، لأن رد الميت لا يصح، ورد المعيب مع عيب حدث في يده لا يجوز، لأنه لا دلالة عليه كما نقوله في البيع، ولا يرجع في ذلك بأرش العيب، بخلاف البيع.
قال في المختلف بعد نقل ذلك عنه: والأقوى عندي أنه له الفسخ، لفقدان الشرط، سواء مات العبد أورده، لأن العبد في يده أمانة فليس للراهن الامتناع من قبضه بالعيب السابق، فكذا الموت انتهى. ومرجع مناقشته للشيخ إلى عدم الفرق بين الموت، وظهور العيب السابق في جواز الفسخ، وهو لا يخلو من قوة.
وأما العيب الحادث في يد المرتهن فالحكم فيه كما ذكره الشيخ (رحمة الله عليه) لما ورد من الأخبار الدالة على بقاء الرهانة وعدم انفساخها بذلك، والرد إنما يتجه مع الفسخ.
ومن الأخبار المشار إليها ما تقدم في المسألة الخامسة من الأخبار الدالة على أن العبد إذا أصابه الجذام أو العمى أو نحو ذلك فإنه باق على الرهانة، وإن نقص ذلك على الراهن، والأخبار ثمة إنما اختلفت في الضمان وعدمه، وإلا فصحة الرهانة لا خلاف فيها ولا اشكال والله العالم.