بعدمه، وربما يفهم من مثل هذا التشنيع من العلامة هنا ومثله ما وقع في كلام شيخنا المفيد في مقام الرد على الصدوق في مسألة نفي السهو عن المعصوم، وفي شرح الاعتقادات ومثلهما غيرهما أيضا من المتأخرين جواز الغيبة واستثنائها من التحريم المتفق عليه في مثل هذه المواضع، وإلا فالأمر مشكل، فإن جلالة مثل هؤلاء المشايخ وعدالتهم وورعهم وتقواهم الظاهر كالشمس في رابعة النهار، يمنع من قدومهم على هذا الأمر المتفق على تحريمه نصا وفتوى، وإن كانوا لم يصرحوا بذلك في مستثنيات الغيبة، والله سبحانه العالم.
تذنيب: قال في المختلف: قال ابن إدريس: الدين المؤجل لا يجوز بيعه على غير من هو عليه بلا خلاف، والوجه عندي الكراهة، للأصل الدال على الجواز والاجماع ممنوع، وأما إن كان حالا لم يجز بيعه بدين آخر مثله، وهل يجوز بيعه نسيئة؟ قال في النهاية: يكره ذلك مع أنه منع من بيعه بدين آخر مثله وقال ابن إدريس: لا يجوز بيعه نسيئة، بل هو حرام محظور، لأنه بعينه بيع الدين بالدين، وهو حسن انتهى.
أقول: قد تقدم في مباحث الفصل الثاني في السلف ما يتعلق بهذا المقام و يأتي انشاء الله تعالى في بعض مسائل هذا الكتاب ما فيه كفاية لذوي الأفهام.
المسألة الثالثة قال الشيخ في النهاية: إذا رأى صاحب الدين المديون في الحرم لم يجز له مطالبته فيه ولا ملازمته، بل ينبغي أن يتركه حتى يخرج من الحرم، ثم يطالبه كيف شاء.
وقال علي بن بابويه على ما نقله عنه العلامة في المختلف والشهيد في الدروس : إذا كان ذلك على رجل حق فوجدته بمكة أو في الحرم فلا تطالبه، ولا تسلم عليه، فتفزعه إلا أن يكون أعطيته حقك في الحرم، فلا بأس بأن تطالبه به في الحرم.
وقال ابن إدريس: قول الشيخ محمول على أن صاحب الدين طالب المديون خارج الحرم، ثم هرب منه فالتجئ إلى الحرم، فلا يجوز لصاحب الدين مطالبته ولا افزاعه، فأما إذا لم يهرب إلى الحرم ولا التجاء إليه خوفا من المطالبة بل وجده