أو الثمن، أو ظهور اسحقاقهما، فيكون عقد الرهن مضمونا في نفس الأمر على تقدير الحاجة إليه، بخلاف الأمانات، فإن سبب الضمان متجدد ظاهرا وفي نفس الأمر، فلا يتحقق المقتضي حين العقد، هو جيد، إلا أن المسألة لخلوها من النصوص محل التوقف.
الثاني: المشهور أنه لا يصح الرهن على مال الجعالة لعدم استحقاق المجعول له المال قبل تمام العمل وإن شرع فيه، وقيل بجوازه بعد الشروع وإن لم يتم، لانتهاء الأمر فيه إلى اللزوم، كالثمن في مدة الخيار ونقل عن العلامة في التذكرة.
ورد بعدم استحقاقه الآن شيئا وإن عمل أكثره، والفرق بينه وبين المبيع في زمن الخيار طاهر، لأن المبيع متى أبقى على حاله انقضت مدة الخيار، وثبت له اللزوم، والأصل فيه عدم الفسخ، بخلاف الجعالة، فإن العمل فيها لو ترك على حالة لم يستحق بسببه شئ، والأصل عدم الاكمال.
الثالث: المشهور جواز الرهن على مال الكتابة مطلقا، لأنه لازم للمكاتب بكلا معنييه، ونقل عن الشيخ رحمة الله عليه وجماعة التفصيل في ذلك، بأنها إن كانت مطلقة فهي لازمة اجماعا فيجوز الرهن على مالها بغير خلاف، وإن كانت مشروطة فهي جائزة من قبل العبد، فيجوز له تعجيز نفسه فلا يصح الرهن على مالها، لانتفاء فائدة الرهن، وهي التوثق، إذ للعبد اسقاط المال متى شاء. ولأنه لا يمكن استيفاء الدين من الرهن، لأنه إن عجز صار الرهن للسيد، لأنه من جملة مال المكاتب.
أقول: ومنشأ الخلاف من أن مال المكاتبة المشروطة هل هو لازم مطلقا كما هو المشهور، أو أنه جائز من قبل العبد، كما يدعيه الشيخ ومن تبعه.
وقد احتج الأصحاب على لزومه مطلقا بالأدلة العامة، مثل قوله عز وجل (1) " أوفوا بالعقود " ونحوه ومتى كان لازما تحققت الفائدة، وصح الرهن عليه، قالوا: ومع تسليم ما ادعاه الشيخ من جوازها لا يمتنع الرهن، كالثمن في مدة الخيار