اشتراط كون الرهن مما يقبض مثله، نظرا إلى أن مقصوده لا يحصل إلا بكونه مما يقبض، كما أرشدت إليه الآية الكريمة، فأحدهما غير الآخر.
واعترضه في المسالك بأن فيه مع ما أشرنا إليه من تصريح العلامة ببناء الحكم على القبض، مع اعتبار كون الرهن مما يقبض مثله معجلا، إذ لا دليل عليه، والآية قد تقدم عدم دلالتها على اعتبار القبض بل الإرشاد إليه.
والمعتذر (رحمه الله) قد بالغ في تحقيق دلالتها على ذلك، ومنع دلالتها على اعتبار القبض، ولو سلم اعتبار صلاحية الرهن للقبض فالدين صالح لذلك بتعيين المديون له في فرد من أفراد ماله، فالمنع من رهنه على القول بعدم اشتراط القبض غير متوجه انتهى.
أقول: وقد تلخص من ذلك أنه لا مانع من رهن الدين حتى ولو قلنا باشتراط القبض كهبة ما في الذمم ويجتزئ بقبض ما يعينه هنا.
والمراد باشتراط كون الرهن مملوكا ما هو أعم من ملك الأصل أو المنفعة، كما لو أذن له المالك في رهن ماله، فلا يصح رهن ما لا يملكه ولا يؤذن فيه، وعلى هذا فالمملوكية بمعنييها من شروط الصحة، كما في الشروط الآتية، إلا أنه قد صرح بعضهم بجواز رهن غير المملوك ولا المأذون وصحته ويكون موقوفا على إجازة المالك، كالبيع الفضولي وعلى هذا يكون هذا لشرط من شروط اللزوم، ومقتضى ما قدمناه من البحث عن عدم صحة بيع الفضولي عدم جواز رهن ما كان كذلك، لأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه، وهو قبيح عقلا ونقلا.
الثانية اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في رهن المدبر، فالأكثر على أنه يوجب ابطال تدبيره، بمعنى أنه يصح الرهن ولكن يبطل التدبير، وقيل بصحتها فإن رهنه لا يوجب ابطال تدبيره، ونقل ذلك عن الشيخ.
وعلل الأول بأن التدبير من الصيغ الجائزة التي يصح الرجوع فيها كالوصية، فإذا تعقبه الرهن أبطله، كما لو تعقبه غيره من العقود كالبيع والهبة، لكون ذلك رجوعا عنه، لأن الغرض من العقود المملكة ملك من انتقل إليه، ولا يتم إلا بالرجوع،