ما قد قدمنا نقله عن المسالك من صدق اسم الدين على المبيع قبل حلوله وبعده، كما تقدم نقله عنه في الموضع المشار إليه، فإنه يلزم على ذلك بيع الدين بالدين المنهي عنه، ولم نقف لهم في هذه الدعوى على مستند، سيما مع تصريح أكثر أهل اللغة بأن الدين اسم للمؤجل خاصة، موافقتهم على ذلك في الأثمان فليتأمل المقام، فإنه حري بالتدبر التام والله العالم.
المسألة الرابعة عشر: ظاهر الأخبار وهو ظاهر اتفاق كلمة الأصحاب أنه لا يؤدي عن المديون من سهم الغارمين إلا مع انفاق الدين في غير معصية، وأنه لا يعطى منه، وإنما الخلاف فيما إذا جهل حاله، فقال الشيخ: إنه كالثاني، وقال بأن إدريس:
بالأول، وبه صرح الأكثر.
ونقل عن الشيخ أنه احتج بما رواه في الكافي عن محمد بن سليمان (1) " عن رجل من أهل الجزيرة يكنى أبا (نجاد) قال: سأل الرضا عليه السلام رجل وأنا أسمع، فقال له: جعلت فداك إن الله عز وجل يقول: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى مسيرة " أخبرني عن هذه النظرة التي ذكره الله عز وجل في كتابه لها حد يعرف إذا صار هذا المعسر إليه لا بد من أن ينظر؟ وقد أخذ مال هذا الرجل وأنفقه على عياله، وليس له غلة ينتظر ادراكها، ولا دين ينتظر محله، ولا مال غايب ينتظر قدومه، قال:
نعم فينظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام، فيقضى عنه ما عليه من الدين من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله عز وجل، وإن كان أنفقه في معصية الله فلا شئ على الإمام له، قلت: فما لهذا الرجل الذي ائتمنه وهو لا يعلم فيما أنفقه في طاعة الله عز وجل أم في معصيته؟ قال: يسعى له في ماله فيرده عليه وهو صاغر ".
وردها الأكثر بضعف الاسناد فلا يمكن التعويل عليها في اثبات حكم مخالف للأصل، لأن الأصل في تصرفات المسلمين وقوعها على وجه الصحة والمشروع،