ولو أذن الولي للسفيه في المبيع، قال الشيخ في المبسوط: لا يصح، وتبعه ابن البراج ونقل العلامة القول بالصحة في المختلف عن بعض علمائنا، وقال: إنه الأقوى، واحتج عليه بأن المقتضي للصحة وهو صدور البيع من أهله في محله موجود، والمانع وهو السفه مفقود، إذ التقدير الإذن، فأمن من الانخداع، فيثبت الحكم انتهى وهو جيد.
ولو أودعه شخص وديعة فأتلفها، فقيل: بأنه لا ضمان عليه، واختاره المحقق في الشرايع، وعلل ذلك بتفريط المودع باعطائه، وقد نهى الله عن ذلك بقوله " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " فيكون بمنزلة من ألقى ماله في البحر وقيل: إنه يضمن إذا أتلفها أو تلفت بتفريط، واختاره العلامة في التذكرة، وشيخنا الشهيد الثاني في المسالك، واحتج على ذلك بأن المالك لم يسلط على الاتلاف، وإنما أمره بالحفظ فقد حصل منه الاتلاف بغير اختيار صاحبها، كما لو غصب، والحال أن السفيه بالغ عاقل، والأصل عصمة مال الغير إلا بسبب، مع أن وضع اليد حال الاتلاف غصب.
قالوا: وفي حكم الوديعة العارية، وأيده المحقق الأردبيلي بعد أن استظهر بعموم دليل الضمان، قال: وكونه سفيها وتسليم مالكه إياه لا يستلزم عدم الضمان لأن له أهلية الضمان والحفظ، لأنه بالغ عاقل، إلا أنه تسامح في ماله وذلك غير قادح في أهليته فلا يستلزم كون المالك هو المضيع ولهذا يجوز توكيله انتهى.
أقول: ويمكن تأييد القول الأول بأنه لا ريب في دلالة الآية المتقدمة على النهي عن اعطاء السفيه الأموال، ومن الظاهر أن تحريم ذلك أنما هو من حيث تطرق التلف إليها، وفواته من جهة السفيه، ولم تم القول بالضمان المستلزم لعدم الفوات لم يكن لهذا النهي وجه بالكلية، لأنه لا فرق بين أن يرده بعينه، أو عوضه من قيمة أو مثل، فلا يحصل هنا ضرر على المودع والمعير، فأي ثمرة لهذا التحريم الذي دلت عليه الآية.
ويمكن أيضا تأييد ذلك بما رواه في الكافي عن حريز في الصحيح أو الحسن (1)