الأصحاب في منعه التبرعات المنجزة الزايدة على الثلث على قولين مشهورين، وكل منهما معتضدة بجملة من الأخبار، والذي يقرب عندي من الأخبار المشار إليها هو عدم المنع، وأن مخرج الوصية على الوجه المذكور من الأصل دون الثلث، كما هو القول الآخر، والمراد بالمنجزة يعني المعجلة في حال الحياة كالهبة والعتق والصدقة ونحو ذلك الخامس الفلس وسيأتي الكلام فيه مستوفى انشاء الله تعالى في المطلب الثالث.
السادس: السفه وهو مقابل الرشد، ولما كان الرشد كما عرفت سابقا عبارة عن الملكة التي تترتب عليها تلك الأمور، من اصلاح المال، وعدم افساده، وعدم صرفه في غير الوجوه اللائقة، فالسفه حينئذ عبارة عن الملكة التي تترتب عليها أضداد تلك الأمور، فلا يقدح الغلط في بعض الأحيان، والانخداع نادرا لوقوع ذلك من كثير من المتصفين بالرشد.
ومن السفه على ما ذكروه الانفاق في المحرمات، وصرف المال في الأطعمة النفيسة التي لا يليق بحاله، ومثله اللباس الفاخر ونحوه وأما صرفه في وجوه الخيرات كالصدقات وبناء المساجد والقناطر والمدارس وأقراء الضيوف ونحو ذلك، فإن كان لايقا بحاله لم يكن سفيها قطعا، فإن زاد على ذلك فالمشهور على ما نقله في المسالك أنه كذلك: استنادا إلى أنه لا سرف في الخير، كما لا خير في السرف ونقل عن العلامة في التذكرة أن ما زاد منه على ما يليق به تبذير، لأنه اتلاف في المال، وقال الله تعالى (1) " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط " قال: وهو مطلق فيتناول محل النزاع وظاهر المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد الميل إلى القول الأول مستندا