ولا خلاف في جواز تصرف المرأة في مالها بعد البلوغ، وما ورد في بعض الأخبار الصحيحة " من توقف عتقها على إذن زوجها، وكذا تصرفها في مالها " فقد حمله بعض الأصحاب على تأكد استحباب استيذانه.
المقام الثالث كما أن الحجر لا يرتفع عن الصغير إلا بالبلوغ كذلك يعتبر معه الرشد أيضا، فلا يرتفع عنه الحجر إلا بالبلوغ والرشد، ويدل عليه قوله عز وجل " فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم " قال في المسالك: الحق أن الرشد ملكة نفسانية يقتضي اصلاح المال، وتمنع من افساده وصرفه في غير الوجوه اللائقة بأفعال العقلاء.
أقول: مرجعه إلى أنه يعتبر فيه أمور ثلاثة: أحدها أن يكون مصلحا لما له على الوجه اللائق بحاله، وثانيها كونه غير مفسد له بالتضييع، وثالثها أن لا يصرفه في المصارف الغير اللائقة بحاله، ولا يخفى ما بين هذه الأمور من التلازم.
وبالجملة فالظاهر أنه لا بد أن يكون هذه الأمور عن ملكة يقتدر بها عليها من حفظه، وصرفه في الأغراض الصحيحة، فلا يكفي ذلك مرة أو مرات من غير أن يكون ذلك على جهة الملكة، بل يكون من عقله ومعرفته أن لا يضيع المال، ولو بتحمل الغبن الفاحش في المعاملات، والصرف في المحرمات، والتبذير والاسراف، فإنه مناف للرشد بغير خلاف.
وإنما الخلاف في اشتراط العدالة في الرشد، فالمشهور العدم، وذهب الشيخ (رحمه الله) إلى اعتبارها، وهو مذهب جماعة من العامة منهم الشافعي، واحتج الشيخ ومن قال بهذا القول بقوله عز وجل (2) " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " وما روي عن ابن عباس في قوله تعالى " فإن آنستم منهم رشدا " هو أن يبلغ ذا وقار وحلم وعقل "