من دية الخطأ وفيه ما في سابقه من الضعف والقصور، لعموم جملة من الأخبار المتقدمة وخصوص روايات أبي بصير الثلاثة ولا سيما الأخيرة لقوله فيها " بل يؤدوا دينه من ديته التي صالح عليها أولياؤه فإنه أحق بديته من غيره ".
بقي الكلام في أن خبر أبي بصير الثالث ظاهر في أنه مع اختيار الورثة القتل في العمد فالدين على الإمام يؤديه عن الميت من سهم الغارمين، وخبره الثاني يدل على أنه على الورثة كما هو قول الشيخ رحمه الله، وأنه لا يجوز لهم اختيار القتل إلا بعد ضمان الدين، ويمكن الجمع بينهما بحمل الخبر الثالث على وجود الإمام وتمكنه من القيام بذلك وحمل الآخر على عدم ذلك والله العالم.
المسألة التاسعة: إذا جحد المديون المال ولا بينة للمدعي فهنا صورتان: الأولى أن يحلف المديون، والأشهر الأظهر عدم جواز مطالبته، وإن أقام البينة بذلك، لأن اليمين قد ذهب بحقه، وقد تقدمت الأخبار الدالة على ذلك في المسألة الخامسة (1) من المقام الثاني من الفصل الأول في البيع وأركانه.
وقد ورد بإزائها من الأخبار ما يدل على خلاف ذلك. وقد تقدم وجه الجمع بينها ثمة، وفي المسألة أقوال آخر شاذة (2) يأتي ذكره انشاء الله تعالى في بابها، نعم لو رجع الحالف بعد ذلك وأتى بالمال من قبل نفسه من غير طلب، وأكذب نفسه فإنه يجوز قوله، صرح بذلك الشيخ في النهاية، فقال: إذا جحد المديون المال ولا بينة فحلفه المدعي عند الحاكم لم يجزله بعد ذلك مطالبته بشئ، فإن جاء الحالف ثانيا ورد عليه ماله جاز له أخذه، فإن أعطاه مع رأس المال ربحا أخذ رأس المال ونصف الربح انتهى. وبه صرح ابن البراج.