المسألة الخامسة لو اختلفا في قبض الثمن هل كان قبل التفرق أو بعده؟ أو ادعى البايع أنه قبضه ثم رده قبل التفرق.
والكلام هنا في موضعين: الأول ما إذا اختلفا في القبض هل هو قبل التفرق أو بعده؟ ومقتضى هذا الكلام أنهما قد اتفقا على القبض، إلا أن أحدهما ادعى أن القبض وقع قبل التفرق، فيصح العقد حينئذ لوجود شرطه.
والآخر ادعى أنه بعده فيبطل، ومقتضى قواعد الأصحاب أن القول قول مدعي الصحة، وبه أفتوا في المسألة، أما لو اختلفا في أصل قبض الثمن، فإن القول قول منكر القبض وإن تفرقا واستلزم البطلان، والنزاع في الحقيقة في كل من المسألتين يرجع إلى طرو المفسد، وإلا فهما متفقان على أصل الصحة، ولا نزاع بينهما فيها، لاتفاقهما على وقوع العقد.
ولكن في المسألة الأولى ادعى أحدهما أن القبض إنما وقع بعد التفرق، وهو موجب لبطلان العقد، وفي الثانية ادعى البايع عدم القبض، وحصول التفرق الموجب للبطلان، وفي الأولى قدم قول مدعي الصحة المتفق عليها، لأن الأصل عدم طرو المفسد، وفي الثانية المقتضي للفساد قائم وهو التفرق، ويترتب على ما هو الأصل من عدم قبض الثمن، فإن مقتضى الأصل ذلك، فمن أجل ذلك حكم بالبطلان.
هذا مع عدم البينة، ولو أقام كل منهما بينة بالنسبة إلى المسألة الأولى، بنى على تقدم بينة الداخل - وهو هنا مدعي الصحة - أو الخارج، واختار في المسالك الثاني، ونقل عن العلامة تقديم بينة الأول لقوة جانبه بدعوى أصالة عدم طرو المفسد، ولكون دعواه مثبتة، والأخرى نافيه، وبينة الاثبات مقدمة.
الثاني لو قال البايع: قبضت الثمن ثم رددته إليك، وأنكر المشتري القبض، وظاهرهم أن القول قول البايع مع يمينه، مراعاة لجانب الصحة، وتفصيل ذلك أنهما الآن متفقان على أن الثمن عند المشتري، إما في ذمته، أو أمانة عنده (1) وإنما