سببها أيضا مستند إلى المكلف والفرق بينها، وبين ما نازع فيه غير واضح.
وبالجملة فإن غاية ما يتمسكون به هنا وهو ما يدعونه من عموم الحجر، وقد عرفت ما فيه، وما ذكروه في المسالك في آخر كلامه المتقدم نقله بقوله فلو أخرجها من المال أمكن جعل ذلك وسيله إلى آخره، فيه ما عرفت والله العالم العالم.
المطلب الثالث في المفلس وهو بكسر اللام لغة الذي ذهب خيار ماله من دراهم ودنانير، وبقي فلوسه، فهو مأخوذ من الفلس، واحد الفلوس يقال: أفلس الرجل بصيغة اللازم، فهو مفلس بكسر اللام، إذا صار كذلك كما يقال: أذل الرجل أي صار ذا ذل، فالمعنى هنا أنه صار ذا فلوس، بعد أن كان ذا دراهم، ومرجعه إلى الانتقال من حال اليسر إلى حال العسر، حيث أنه قد ذهب خيار ماله، فلم يبق إلا الفلوس.
وأما شرعا فإنه يقال: مفلس بفتح: وهو الممنوع من التصرف في ماله، يقال فلسه القاضي تفليسا إذا حكم بافلاسه، ونادى عليه، وشهره بين الناس بأنه صار مفلسا، والمراد به هنا من يكون عليه ديون تقصر أمواله عن أدائها.
قالوا: ولا يتحقق الحجر عليه إلا بشروط أربعة: الأول أن يكون ديونه ثابتة عند الحاكم.
الثاني أن يكون أمواله قاصرة عن الديون التي عليه الثالث أن يكون ديونه حالة، الرابع أن يلتمس الغرماء أو بعضهم الحجر عليه.
أقول: أما الأول من هذه الشروط فظاهر، لأن الحجر إنما يقع من الحاكم، وحينئذ فلا بد من ثبوت الديون عنده باقرار أو بنية أو علم منه بذلك على أظهر القولين وأما الثاني فلأنه لو كانت أمواله زائدة أو مساوية فلا حجرا جماعا، كما نقله في المسالك، بل يطالب لها، فإن قضاها وإلا رفع أمره إلى الحاكم، فيحبسه إلى أن يقضي ذلك أو يبيع عليه متاعه ويقضي عنه دينه، والمراد بأمواله القاصرة عن أداء ديونه ما يشمل معوضات الديون، وهي الأموال التي ملكها بعوض ثابت في