وثانيها سقوطها، وهو اختيار العلامة وجمع من الأصحاب، وعللوه بأن السبب في جواز الأخذ وليس هو الشراء وحده، بل هو مع الشركة، وقد زال أحد جزئي السبب فتزول، ولا يكفي وجودها حال الشراء، بل لا بد من وجودها حال الأخذ بالشفعة، لقوله عليه السلام " لا شفعة إلا لشريك مقاسم " فلو أثبتنا له الشفعة بعد البيع، لأثبتناها لغير شريك مقاسم، والجهل مع انتفاع السبب لا أثر له.
وثالثها التفضيل بالجهل بالشفعة حال البيع، والعلم، فتثبت في الأول دون الثاني، وهو منقول عن الشيخ رحمه الله، لأن البيع بعد العلم، يؤذن بالاعراض عنها، كما لو بارك، بخلاف ما إذا لم يعلم، فإنه معذور: وأجيب بأن الجهل لا أثر له إذا انتفى السبب، لأن خطاب الوضع لا يتفاوت الأمر فيه بالعلم والجهل.
أقول: والمسألة لعدم النص لا يخلو من توقف، إلا أن الأظهر بحسب هذه التعليلات وقربها وبعدها من القواعد الشرعية هو القول الثاني من هذه الأقوال الثلاثة.
أما الأول فقد علم جوابه من دليل القول الثاني، ويزيده تأكيدا أن ما استند إليه من الاستصحاب وهو الذي عبر عنه في المبسوط بالأصل، فقال: والأصل بقاؤها مردود بما حققناه في مقدمات الكتاب في جلد كتاب الطهارة من عدم ثبوت حجية هذا الاستصحاب.
وأما الثالث فلما سمعت من الجواب عن دليله، وإلى ما ذكرناه من القول الثاني يميل كلامه في المسالك أيضا، حيث قال بعد ذكر الأقوال الثلاثة على الترتيب الذي ذكرناه والقول الوسط لا يخلو من قوة انتهى والله العالم.
الثالثة عشر لو عرض البايع الشئ على صاحب الشفعة بثمن معلوم فلم يرده فباعه من غيره بذلك الثمن أو زايدا عليه، فهل يكون لصاحب الشفعة المطالبة بها أم لا؟ قولان: وبالثاني قال الشيخان وابن حمزة، وبالأول قال ابن إدريس، واحتج الشيخان على ما نقله في المختلف بأن الشفعة تثبت في موضع الاتفاق على خلاف الأصل، لكونه أخذ ملك المشتري من غير رضاه، ويجبر على المعاوضة، لدخوله مع البايع في العقد الذي أساء فيه بادخال الضرر على شريكه، وترك الاحسان إليه