الثامن: إذا وطأ الراهن الأمة المرهونة بإذن المرتهن أو بدونه وأحبلها صارت أم ولد، لأنها لم تخرج من ملكه بالرهن، وإن منع من التصرف فيها كما هو المشهور بينهم، وعلى تقديره يأثم ويستحق التعزير مع عدم الإذن، وعلى ما قدمناه في سابق هذا الموضع من دلالة الخبرين الصحيحين على صحة الوطئ مع عدم الإذن فلا إثم، ولا تعزير.
ثم إنه مع الاحبال وصيرورتها أم ولد فهل تباع في دين المرتهن؟ كما هو قضية الرهن أقوال: أحدها: جواز البيع مطلقا، عملا بما دل على بيع الرهن عند حلول الأجل وعدم أداء الراهن، ولأن حق المرتهن قد سبق الاستيلاد المانع، وهذا القول مختار الشهيدين.
وثانيها: المنع مطلقا عملا بما دل على المنع من بيع أمهات الأولاد و هذا منها.
وثالثها: التفصيل باعسار الراهن فتباع، ويساره فلا تباع، ويلزمه القيمة من غيرها يكون رهنا، وهذا القول نقل عن الشيخ في الخلاف، والعلامة في التذكرة.
ورابعها: التفصيل بجواز البيع مع وطئها بغير إذن المرتهن، والعدم مع وقوعه بإذنه، ونقل عن الشهيد (رحمة الله) في بعض حواشيه.
ومرجع الأقوال المذكورة إلى تعارض دليلي جواز بيع الرهن، ومنع بيع أم الولد، فمن الأصحاب من جمع بينهما بالتفصيل المذكور في القولين الأخيرين، ومنهم من عمل بالترجيح، كما في القولين الأولين، فبعض رجح أدلة جواز بيع الرهن، والآخر رجح أدلة منع بيع أم الولد، والحق في المسألة أن ما ذكر من التفصيل في كل من القولين الأخيرين لا دليل عليه إلا مجرد أمور اعتبارية، وإنما يبقى التعارض بين أدلة جواز بيع الرهن وأدلة منع بيع أم الولد.
وظاهر شيخنا الشهيد الثاني الاستناد في ترجيحه أدلة جواز بيع الرهن إلى سبق سببه، قال في المسالك: وأقوى ترجيح جانب الرهن بسبق سببه، فتجويز