الرابعة: قالوا: لو دفعها إلى غير المالك وادعى الإذن فأنكر المالك فالقول قوله مع اليمين ثم بعد الحلف إن كان من ادعى الدفع إليه مقرا به وكانت العين موجودة ردت إلى المالك، وإن تعذر الارتجاع منه تخير المالك بين الرجوع عليه وعلى المستودع، فإن رجع على المستودع رجع إلى المدفوع إليه مع بقاء العين، فإن أخذها ردها إلى المالك وأخذ البدل الذي دفعه إليه، وإن كانت العين تالفة لم يكن له الرجوع إليه، لاعترافه بظلم المالك عليه في أخذ البدل.
الخامسة: اختلف الأصحاب في أن من أمر غيره بدفع الوديعة إلى غير المالك أو بقضاء دينه ففعل ولم يشهد عليه وأنكر المدفوع إليه هل يضمن الدافع أم لا؟
فقيل: يضمن فيهما، لأن إطلاق الدفع يقتضي بحسب العرف دفعا ثابتا يرفع النزاع والدعوى وخصوصا الدين، فإن الغريم إذا أنكر فالقول قوله (1). وقيل: لا يجب الإشهاد فيهما. وإلى هذا القول مال في المختلف (2) وقيل: يجب الإشهاد في قضاء الدين دون الوديعة، واختاره العلامة في التذكرة وغيرها (3).
السادسة: إذا أنكر الوديعة فأقام المالك البينة عليها فصدقها ثم ادعى التلف قبل الإنكار ففي سماع دعواه وجوه: عدم السماع، من جهة أن إنكاره السابق مكذب لدعواه اللاحقة، فلا يسمع، ومن حيث عموم الخبر وإمكان استناد جحوده إلى النسيان فيعذر، وهو خيرة التذكرة (4) وفي المختلف منع من قبول بينته وسماع دعواه بمعنى قبول قوله بيمينه، لكن قال: إن له إحلاف الغريم (5). وفي القواعد منعهما معا (6) وفي المسألة قول آخر وهو أنه إن أظهر لإنكاره تأويلا كقوله: ليس لك عندي وديعة يلزمني ردها أو ضمانها، ونحو ذلك قبلت دعواه وسمعت بينته، وإن لم يظهر له تأويلا لم يقبل، واختاره الشهيد (رحمه الله) (7) واستحسنه الشهيد الثاني (8) وهو حسن.