المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٤٢
لا يمنع الجواز لأنها تضطرب عند الذبح فيصيبها شئ من ذلك ولا يمكن التحرز في هذه الحالة فجعل عفوا لهذا ولأنه أضجعها ليتلفها فتلف جزء منها في هذه الحالة لا يؤثر في المنع من الجواز بخلاف ما قبله (قال) وإن كان الذاهب من العين أو الاذن أو الذنب بعضه فإن كان ما ذهب منه كثيرا يمنع الجواز أيضا لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضحى بالشرقاء والخرقاء والمقابلة والمدابرة فالشرقاء مشقوقة الأذن عرضا والخرقاء طولا والمقابلة التي ذهب قدام اذنها والمدابرة أن يكون الذاهب خلف أذنها إلا أن القليل لا يمكن التحرز عنه عادة فجعل عفوا والحد الفاصل بين القليل والكثير عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى في ظاهر الرواية أن يكون الذاهب أكثر من الثلث فان النبي صلى الله عليه وسلم قال الثلث كثير ولكن جعله من الكثير الذي يجزى في الوصية بخلاف ما وراءه فعرفنا ان ما زاد على الثلث حكمه مخالف للثلث وما دونه وذكر ابن شجاع عن أبي حنيفة رحمهم الله تعالى أن الذاهب إذا كان بقدر الربع يمنع على قياس ما تقدم من المسائل أن الربع ينزل منزلة الكمال كما في المسح والحلق وعلى قولهما إذا كان الذاهب أكثر من الباقي لم يجز وإن كان الباقي أكثر من الذاهب أجزأه لان القلة والكثرة من الأسماء المشتركة فإنما يظهر عند المقابلة وإن كان الذاهب والباقي سواء لم يجز في قول أبى يوسف رحمه الله تعالى لان المانع من الجواز إذا استوى بالمجوز يترجح المانع وقال أبو يوسف أخبرت بقولي أبا حنيفة رحمه الله تعالى فقال قولي قولك أو مثل قولك قيل هذا رجوع من أبي حنيفة رحمه الله تعالى إلى قوله وقيل هو إشارة إلى التفاوت بين القولين (قال) ويجزى في الهدى الخصي ومكسورة القرن لان مالا قرن له يجزى فمكسور القرن أولى وهذا لأنه لا منفعة للمساكين في قرن الهدى واما جواز الخصي فلانه أطيب لحما وقال الشعبي رحمه الله تعالى ما زاده الخصا في طيبة لحمه خير للمساكين مما فات من الخصبين والأصل فيه ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحي بكبشين أملحين موجوأين ينظر ان في سواد ويمشيان في سواد ويأكلان في سواد أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته (قال) فان اشترى هديا ثم ضل منه فاشترى مكانه آخر وقلده وأوجبه ثم وجد الأول فان نحرهما فهو أفضل لأنه أتى بالواجب وزاد ولأنه كان وعد أن ينحر كل واحد منهما والوفاء بالوعد مندوب إليه وان نحر الأول وباع الثاني جاز لأنه ما أوجب الثاني ليكون أصلا بنفسه وإنما أوجبه ليكون خلفا عن الأول قائما مقامه فإذا
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست