ورد به بعض الأخبار (1) زاد العسر والإشكال.
وذكر الشهيد الثاني أنه يثبت كونها مفتوحة عنوة بنقل من يوثق بنقله واشتهاره بين المؤرخين. وقد عدوا من ذلك مكة المكرمة، وسواد العراق وبلاد خراسان والشام، وجعل بعض الأصحاب من الأدلة على ذلك ضرب الخراج من الحاكم وإن كان جائرا، وأخذ المقاسمة من ارتفاعها عملا بأن الأصل في تصرفات المسلمين الصحة، وكونها عامرة وقت الفتح بالقرائن المفيدة للظن الغالب المتآخم للعلم كتقادم عهد البلد، واشتهار تقدمها على الفتح، وكون الأرض مما يقضي القرائن المذكورة بكونها مستعملة في ذلك الوقت (2).
وذكر بعض الأصحاب قريبا منه وقال: ما يوجد من الأراضي المفتوحة عنوة في هذه الأزمنة معمورا ولا يعلم حاله حين الفتح يعمل فيه بقرائن الأحوال، ومنها: ضرب الخراج عليه، أو أخذ المقاسمة من ارتفاعه، فإن انتفت جميعا عمل فيه بظاهر الحال، وما يوجد من هذه الأراضي مواتا في هذه الأزمنة إن دلت القرائن على أنه كان معمورا من القديم ومضروبا عليه الخراج ككثير من أرض العراق، فهو ملحق بالمعمور وقت الفتح، وحيث إنه لا أولوية لأحد عليه فمن أحياه كان أحق به وعليه الخراج والمقاسمة (3). انتهى.
واعترض عليه بعض المتأخرين (4) أما على قوله من «ثبوت الفتح بالاشتهار بين المؤرخين» فبأنه إن اريد به مجرد كلام طائفة منهم - وإن لم ينته إلى حد إفادة العلم إما لقلتهم أو لتحقق الخلاف فيما بينهم وإن قل المخالف - فمما لا أعرف على حجيته دليلا واضحا، لما نبهنا عليه من أن مطلق الظن الحاصل من الأفواه لا يقوم حجة على إثبات الأحكام الشرعية المخالفة للاصول كحل ما في يد الغير بعنوان الملك وأمثاله لغيره، وإن اريد به ما إذا حصل بذلك العلم لم أر فيه قصورا واضحا،