لوجود العلة وهو وجوب السعي المترتب على دخول الوقت وإن كان في الآية مترتبا على الأذان ولو فرض عدم الأذان لم يسقط وجوب السعي فإن المندوب لا يكون شرطا للواجب وأكثر الأصحاب علقوا التحريم على الأذان لظاهر الآية بل صرح بعضهم بالكراهة بعد الزوال قبل الأذان وهو أوضح دلالة وإن كان ما هنا أجود وعلقه في الخلاف على جلوس جلوس الخطيب على المنبر وكأنه بناء على ما تقدم من وقوع الأذان بين يديه وأما ما أشبه البيع من الإجازة والصلح والنكاح والطلاق وغيرها فألحقها به المصنف وجماعة للمشاركة في العلة المومى إليها في قوله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون وإنما خص البيع لان فعله كان أكثريا لأنهم كانوا يهبطون إلى المدينة من سائر القرى لأجل البيع والشراء وأيضا فان ظاهر الآية يقتضى وجوب السعي بعد النداء على الفور لا من جهة الامر لعدم دلالته على الفورية كما حقق في الأصول بل من جهة إن الامر بترك البيع والسعي إلى الصلاة قرينة إرادة المسارعة فيكون كل ما نافاها كذلك قال في الذكرى ولو حملنا البيع على المعاوضة المطلقة التي هي معناه الأصلي كان مستفادا من الآية تحريم غيره قال ولأن الامر بالشئ يستلزم النهى عن ضده ولا ريب إن السعي مأمور به فيتحقق النهى عن كل ما ينافيه من بيع وغيره من سائر الشواغل عن السعي وجعل الأخير أولى وفيهما نظر لان البيع حقيقة شرعية في المعارضة الخاصة ويجب حمل اللفظ على حقيقته الشرعية مع الامكان مقدمة على أختيها فلا يتجه حمل البيع على المعنى اللغوي والامر بالشئ إنما يستلزم النهى عن ضده العام الذي هو النقيض لا الأضداد الخاصة وقد تقدم تحقيقه غير مرة وهو عمدة الشهيد رحمه الله في الاستدلال في غير هذه المسألة فلا حجة في الآية على تحريم الأضداد من هذا الوجه ومنع في المعتبر من تحريم غير البيع اقتصارا بالمنع على موضع اليقين والقياس عندنا باطل وتوقف فيه المصنف في بعض كتبه وعلى تقدير التحريم ينعقد البيع لو أوقعه حينئذ لعدم المنافاة بين قول الشارع لا بيع وقت النداء وإن بعت ملكت الثمن ولأن النهى إنما دل على الزجر عن الفعل والصحة أمر آخر وهذا بخلاف النهى في العبادات فإنه يقتضى الفساد لتحقق المنافاة بين الصحة والنهى فإن صحيح العبادة ما وافق مراد الشارع وما نهى عنه لا يكون مرادا له وذهب الشيخ إلى البطلان بناء على أن النهى مفسد مطلقا وتحقيق المسألة في الأصول واعلم أنه لو كان أحد المتعاقدين مخاطبا بالجمعة دون الاخر فالتحريم في حق المخاطب بحاله وهل يحرم في حق الاخر أو يكره خلاف والتحريم متجه لمعاونته له على الاثم المنهى عنها في قوله ولا تعاونوا على الاثم وهو يقتضى التحريم ويكره السفر يوم الجمعة للمخاطب بها بعد الفجر وقبل الزوال لما فيه من منع نفسه من أكمل الفرضين مع قرب وقته وحضور اليوم المنسوب إليه وإن لم يحرم لعدم وجود السبب وإضافته إلى الجمعة لا يوجب كون مجموع اليوم سببا وفى وجوب الاصغار من المأمومين إلى الخطبة بمعنى استماعهم لها تاركين للكلام ووجوب الطهارة في الخطيب حالة الخطبة من الحدث والخبث وتحريم الكلام على الخطيب والمأمومين قولان أحدهما الوجوب في الأولين و تحريم الأخير لان فائدة الخطبة لا تتم إلا بالاصغاء ولصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام إنما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهي صلاة حتى ينزل الامام فجعل عليه السلام الخطبتين صلاة وكل صلاة تجب فيها الطهارة ويحرم الكلام ولا يرد إن ذلك في الصلاة الشرعية وليست مرادة هنا بل أما المعنى اللغوي أو التشبيه بحذف أداته فلا تتم كلية الكبرى أو تفسد الصغرى أو لا يتحد الوسط لان اللفظ يجب حمله على المعنى الشرعي ومع تعذره يحمل على أقرب المجازات إلى الحقيقة المتعذرة وهو يستلزم المطلوب فيجب مساواتهما للصلاة في كل ما يدل على خلافه دليل يجب المصير إليه وللتأسي في الطهارة بالنبي وآله عليهم السلام وهذا هو الأجود والقول الثاني عدم وجوب الاصغاء وعدم وجوب الطهارة وعدم
(٢٩٦)