ظاهرا اعتبارا باللفظ الموضوع للدلالة وبتقدير انتفاء الاحتمال والحكم بإسلامه لا يعتد بأذانه لوقوع أوله في الكفر وهل يشترط في المؤذن مع الاسلام الايمان ظاهر العبارة عدم اشتراطه وينبه عليه أيضا حكمهم باستحباب قول ما يتركه المؤذن فإنه يشمل بإطلاقه المخالف بل هو ظاهر فيه فإن غير الناسي من المؤمنين لا يترك منه شيئا بل لو تركه اختيارا لم يعتد بأذانه وروى ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام إذا نقص المؤذن الأذان وأنت تريد أن تصلى بأذانه فأتم ما نقص هو من أذانه والأصح اشتراط الايمان مع الاسلام لقول النبي صلى الله عليه وآله يؤذن لكم خياركم خرج ما أجمع على جوازه فيبقى الباقي ولقول الصادق عليه السلام لا يجوز أن يؤذن إلا رجل مسلم عارف ولكونه أمينا ولرواية معاذ بن كثير الآتي حكمها في آخر الباب عن أبي عبد الله عليه السلام إذا دخل الرجل المسجد وهو لا يأتم بصاحبه فخشي إن هو أذن وأقام أن يركع فليقل قد قامت الصلاة إلخ وهو الذي اختاره الشهيد رحمه الله فلا يعتد بأذانه وإن أتمه لان المانع الخلاف لا نقص الفصول وكذا لا اعتبار بأذان الصبي غير المميز لرفع القلم عنه فلا حكم لعبارته وعدم تصور الأمانة في حقه وفى حكمه المجنون ويمكن أن يريد بغير المميز ما يشملهما لاشتراكهما في فقد الوصف ولا بأذان غير المرتب فإن الترتيب بين الأذان والإقامة وبين فصولهما شرط لأنهما عبادة شرعية لا مجال للعقل فيها فتقصر فيها على المنقول ولصحيحة زرارة عن الصادق عليه السلام قال من سهى في الأذان فقدم أو آخر عاد على الأول الذي أخره حتى يمضى إلى آخره ومعنى اشتراط الترتيب فيهما عدم اعتبارهما بدونه فلا يعتد بهما في الجماعة ويأثم لو اعتقدهما أذانا وإقامة وغير ذلك مما يترتب على صحتهما وقد علم من الرواية أنه لا فرق في عدم الاعتداد بغير المرتب بأن يكون فعله عمدا أو سهوا لان الترتيب شرط والمشروط يعدم بعدمه كالطهارة إلا ما أخرجه الدليل ويجوز الأذان من المميز بمعنى ترتب أثره من الاجتزاء به في الجماعة وقيام الشعار به في البلد وغير ذلك وعلى ذلك إجماعنا نقله في الذكرى وروى عن علي عليه السلام لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم والمراد بالمميز من يعرف الأضر من الضار والأنفع من النافع إذا لم يحصل بينهما التباس بحيث يخفى على غالب الناس ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى فيكتفى بأذانها النساء ومحارم الرجال كالمرأة ويستحب أن يكون المؤذن عدلا لاتصافه بالأمانة ولكونه أفضل من الفاسق وقد قال صلى الله عليه وآله يؤذن لكم خياركم ولأنه لا يؤمن من تطلع الفاسق على العورات حال أذانه على مرتفع وشرط ابن الجنيد العدالة فلم يعتد بأذان الفاسق لعدم الأمانة وأجيب بأن إطلاق اللفظ في شرعية الأذان يتناوله ولصحة أذانه لنفسه فيصح لغيره ويتجه قول ابن الجنيد في منصوب الحاكم الذي يرزق من بيت المال فيحصل بالعدل كمال المصلحة واعلم إن استحباب كون المؤذن عدلا لا يتعلق بالمؤذن لصحة أذان الفاسق مع كونه مأمورا بالأذان بل الاستحباب راجع إلى الحاكم بأن ينصبه مؤذنا لتعم فائدته وأن يكون المؤذن صيتا أي رفيع الصوت ليعم النفع به ويتم به الغرض المقصود منه وهو الاعلام ولقول الصادق عليه السلام في رواية معاوية بن وهب إرفع به صوتك ويستحب مع ذلك كونه حسن الصوت لتقبل القلوب على سماعه وأن يكون بصيرا بالأوقات عارفا بها ليأمن الغلط ويقلده ذووا الاعذار ولو أذن الجاهل في وقته صح واعتد به لحصول المطلوب وأن يكون متطهرا من الحدثين لقول النبي صلى الله عليه وآله حق وسنة إن لا يؤذن أحد إلا وهو طاهر وقوله صلى الله عليه وآله لا يؤذن إلا متوض وليست الطهارة شرطا عندنا لأنه ذكر وليس من شرطه الطهارة ولا يزيد على قراءة القرآن
(٢٤٣)