ولم ينقل ذلك عنه ولا عن الأئمة عليهم السلام فيكون بدعة كما في الأذان الثاني يوم الجمعة ولرواية حفص بن غياث عن الباقر والصادق عليهما السلام الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة ولما رواه الأصحاب عن الباقر عليه السلام إن النبي صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين وبين المغرب والعشاء بأذان وإقامتين وإذا كان صلى الله عليه وآله لم يؤذن للثانية في الجمع بين الفرضين في غير الأوقات الثلاثة فأولى أن لا يكون أذن للثانية في الثلاثة وبه تتحقق البدعية فيه وقال في الذكرى الأقرب الجزم بانتفاء التحريم وتوقف في الكراهة وأجاب عن الحديث بقبوله التأويل بحمل الأذان الثالث على الثاني وسماه ثالثا باعتبار الإقامة وبأن البدعة لا تدل على التحريم فإن المراد بها ما لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله ثم يجدد بعده وهو أعم من الحرام والمكروه ورد في المعتبر الرواية بضعف حفص وأجاب في الذكرى بأن تلقى الأصحاب لها بالقبول جبر ضعفها واعلم أن القول بجواز الأذان المذكور مع عدم ثبوت فعله أو النص على شرعيته غير واضح فإن غاية ما فيه دعوى كونه ذكرا لله تعالى وتعظيما له وهو غير آت في جميع فصوله فإن الحيعلات ليست إذكارا ومن ثم لا يجوز حكايته (حكايتها صح) في الصلاة بل يبدل بالحوقلة كما نص عليه الشيخ وغيره وحينئذ فإذا أتى بها على هذا الوجه فلا بد من اعتقاد مشروعيتها على الخصوص وذلك خلاف الواقع لما تقرر من عدم فعله وعدم النص عليه فلا يجوز اعتقاد شرعيته بدونهما ولو جمع الحاضر أو المسافر بين الصلاتين في وقت إحديهما فالمشهور بين الأصحاب إن أذان الثانية يسقط أيضا لما تقدم نقله صحيحا عن النبي صلى الله عليه وآله من جمعه بين الصلاتين بأذان واحد ولأن الأذان للاعلام بدخول الوقت وقد حصل بالأذان الأول وعلى هذا يكون الجمع بين ظهري الجمعة وعرفة وعشاء المزدلفة مندرجا في هذا لا لخصوصية البقعة بل لمكان الجمع وجميع ما تقدم آت هنا إلا أنه لا قائل هنا بتحريم الأذان الثاني فلا سبيل إلى القول به وإن كان الدليل آت فيه ثم إن كان الجمع في وقت الأولى أذن وأقام لها ثم أقام للثانية لا غير وإن كان في وقت الثانية أذن قبل الأولى بنية الثانية ثم أقام للأولى ثم أقام للثانية عند القيام إليها فالأذان أبدا لصاحبة الوقت وجزم في الذكرى بعدم سقوط الأذان الثاني هنا فإنه قال يسقط أذان الاعلام ويبقى أذان الذكر والاعظام وفيه نظر فإن الأصل في الأذان إنما هو الاعلام وهو منتف هنا والذكر لا يأتي على جميع فصوله كما مر وسيأتي له مزيد تحقيق وكذا يسقط الأذان لغير الأولى عن القاضي للصلوات المتعددة المؤذن لأول ورده فيقيم للبواقي لا غير ذكر ذلك الأصحاب وقد روى إن النبي صلى الله عليه وآله شغل يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى الظهر ثم أمره فأقام فصلى العصر ثم أمره فأقام فصلى المغرب ثم أمره فأقام فصلى العشاء وهذا الحديث على تقدير صحته غير مناف للعصمة لما روى من أن الصلاة كانت تسقط مع الخوف ثم تقضى إلى أن نسخ ذلك بقوله تعالى وإذا كنت فيهم ولأن قصر الكيفية لم يكن مشروعا حينئذ فأخر ليتمكن منها وهو قريب من الأول ولو جمع بين الأذان و الإقامة لكل فريضة كان أفضل لقوله عليه السلام من فاته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته وقد كان من حكم الفائتة استحباب تقديم الأذان عليها فكذا قضاؤها وروى عمارا عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الرجل إذا أعاد الصلاة هل يعيد الأذان والإقامة قال نعم وفى الاستدلال بهما نظر فإن الأذان إنما يتحقق في الفائتة والمعادة مع كونها أولى أو مع اتحادها وإلا فهو محل النزاع كما مر والخبران صريحان في الوحدة وليس موضع الكلام وفى الذكرى ربما قيل إن الإقامة لما عدا الأولى لا غير أفضل أو عبارة الكتاب هنا تشعر بذلك لاطلاقه القول
(٢٤٠)