ورد الخبر بتعليق العدد المعين على الصولة فيه من غير تخصيص بجهة وثانيها أن مسجد النبي صلى الله عليه وآله مختلف في الشرف فإن الروضة أفضل من غيرها من بقاعه وخلف القبر الشريف بحيث تكون الصلاة إلى القبر من غير حائل أو بعد عشرة أذرع مكروهة فلا يتم إطلاق القول بأن الصلاة فيه مضاعفة بالقدر المذكور وإلا لزم مساواة المكروه لغيره والمشروف للأشرف وثالثها أن المسجدين قد زيد فيهما على ما كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله فهل تكون الصلاة في القدر المزيد مساوية للصلاة في الأصل أم لا فان قلتم بعدم التساوي حملا لكلام النبي صلى الله عليه وآله على المسجد المعهود في وقته أشكل اطلاق قول الصادق عليه السلام إن الصلاة في المسجد الحرام بكذا وفى مسجد النبي بكذا فإن الزيادة فيه وقعت قبل زمان الصادق عليه السلام فكان ينبغي تبيان الحال حذرا من الاجمال الحاصل من تأخير البيان وإن قلتم بمساواة الزائد للأصلي لزم منه إلحاق كلما يزاد به حتى لو زيد في هذا الزمان به شئ كان ثواب الصلاة فيه مثل ثوابه مع أنه لا يسمى ذلك المزيد مسجد الحرام ولا مسجد النبي صلى الله عليه وآله بطريق المجاز لا الحقيقة ورابعها أن قوله صلى الله عليه وآله صلاة في مسجدي كألف في غيره يدخل في إطلاق الغير باقي المساجد والأماكن التي يباح فيها الصلاة والتي يكره فيها وغير ذلك فإن كان المضاعفة المذكورة الحاصلة بالصلاة في مسجده صلى الله عليه وآله متساوية بالنسبة إلى مطلق الصلاة في غيره لزم مساواة الأفضل لغيره والمكروه لغيره وذلك غير جائز وإن كان المراد بالغير مكانا مخصوصا فلا بد من بيانه حذرا من تأخير البيان عن وقت الخطاب وخامسها إن الحديث الأول دل على أن الصلاة في المسجد الحرام تعدل ألف ألف صلاة لأنه جعل الصلاة فيه بألف في مسجده صلى الله عليه وآله مع حكمه بأن الصلاة في مسجده بألف وفى الخبر الثاني جعل الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف وذلك يوهم التنافي إلى أن يقوم الدليل بما يصحح التأويل وسادسها أنه جعل الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله في الحديث الأول بألف وفى الثاني بعشرة آلاف والكلام فيه كالكلام فيما قبله وسابعها أنه جعل الصلاة في مسجده صلى الله عليه وآله في الحديث الأول بألف وجعل الصلاة في مسجد الكوفة بألف وذلك يدل على تساويهما في الفضل وهو خلاف الاجماع وقد تقدم الحكم بكون مسجد النبي صلى الله عليه وآله أفضل ويمكن الجواب عن الأول بأن مساواة الصلاة في الكعبة لباقي المسجد في عدد المضاعفة لا يستلزم المساواة في الأفضلية لجواز ترتب الثواب على العدد الحاصل في سائر المسجد أزيد من الثواب المترتب على العدد الحاصل من الصلاة في الكعبة كما تقدمت الإشارة إليه في أول الباب وهذا هو شأن الصلاة المكروهة بالنسبة إلى غيرها المساوي لها فإن صلاة ركعتين مثلا في وقت أو مكان مكروهين أقل ثوابا من ركعتين في غيرهما مع تساويهما عددا أو تقييد إطلاق المسجد بما على الكعبة لخروجها بأمر خاص فيكون كالعام المخصوص بمنفصل مع أنه لا قاطع بكون الكعبة من جملة المسجد لجواز كونه حولها ويدل عليه اختصاصها باسم خاص وحكم خاص وما الدليل على كونها من جملته والله أعلم وعن الثاني بأن إطلاق المضاعفة في المسجد يقتضى اشتراك كل جزء منه في هذا الوصف وإن كان مكروها أو مشروفا ويبقى الجزء الشريف زائد أما بكثرة ثواب ذلك العدد كما مر أو بعدد زائد لم يذكر كما في مسجدين جامعين أو مسجدي قبيلتين مختلفين في الشرف فإن اشتراكهما في وصف تحصل به المضاعفة لا ينافي اختصاص أحدهما بأمر آخر وعن الثالث بإمكان اختصاص المضاعفة المذكورة بما وقع في زمانه صلى الله عليه وآله ولا ينافيه حينئذ كلام الصادق عليه السلام وإن تقدمت الزيادة على زمانه لأنها بمنزلة مسجد متجدد فلا ينصرف الاطلاق إليها ويمكن حمله على ما يصدق عليه عرفا
(٢٣٢)