بنص خاص وعمل الأصحاب فلا مجال للتوقف فيه وما أجاب به لدفعه غير واضح فان أغلبية جوهر القرطاس مع امتزاجه بالنورة وانبثاث أجزائها فيه بحيث لا يتميز منه جزء لا يفيد شيئا وأغرب منه قوله أن جمود النورة يعيد إليها اسم الأرض وبالجملة فالاقتصار فيما خرج عن الأصل على موضع الاتفاق وهو كونه متخذا من غير الملبوس طريق اليقين وسبيل البراءة وعلى تقدير استثناء نوع منه إنما يتم جواز السجود عليه مع العلم بجنسه وأنه مما يصح السجود على مثله فمع الجهل بحاله كما هو الغالب لا يصح السجود عليه لعدم العلم بحصول شرط الصحة وظاهر الذكرى إن غلبة عمله من جنس (يصح السجود عليه صح) يسوغ إلحاقه به وإن أمكن خلافه وأي فرد جوزنا السجود عليه منه فلا فرق فيه بين المكتوب عليه وغيره فيجوز السجود عليه وإن كان مكتوبا مع ملاقاة الجبهة لما يقع عليه اسم السجود خاليا عن الكتابة فلو لم يبق هذا المقدار لم يصح وقد تقدم ما يدل عليه في رواية داود بن فرقد ومثله ما لو عملت الخمرة بضم الخاء المعجمة وهي السجادة الصغيرة التي تعمل من الخوص ونحوه بسيور ونحوها وربما لم يشترط في القرطاس المكتوب بقاء بياض يتم عليه السجود مع قيام جميعه بذلك بناء على أن المداد عرض لأنه من جملة الألوان فالسجود حقيقة إنما هو على جوهر القرطاس ومنعه ظاهر لان المداد أجسام محسوسة مشتملة على اللون المخصوص ومثله المصبوغ من النبات إذا كان للصبغ جرم أما مجرد اللون كلون الحناء فلا منع فيه ومن ثم جاز التيمم باليد المخضوبة والسجود على الجبهة كذلك وإنما يشترط وقوع الجبهة على ما يصح السجود عليه مع الاختيار فيجوز أن يسجد على ظهر يده إن منعه الحر من السجود على الأرض ونحوها ولم يمكنه أخذ شئ منها وتبريده ولا ثوب معه فلو كان معه ثوب أو نحوه قدم السجود عليه على اليد رواه علي بن جعفر عليه السلام قال خائف الرمضاء يسجد على ثوبه ومع عدم الثوب على ظهر كفه ولو منعه البرد فكذلك وقد ورد أيضا في أحاديث ويجتنب المكان المشتبه بالنجس حيث لا يسوغ الصلاة عليه أما لخوف التعدي كالرطب أو مع طاهر يسجد عليه ويمكن أن يكون المشتبه صفة لمسجد الجبهة المبحوث عنه قبله وإنما يجب اجتناب المشتبه بالنجس في الموضع المحصور عادة كالبيت والبيتين دون غيره أي غير المحصور عادة كالصحراء فان حكم الاشتباه فيه ساقط لما في وجوب اجتناب الجميع من المشقة وإنما اعتبرنا في الحصر وعدمه المتعارف في العادة لعدم معهود له شرعا فيرجع فيه إلى العرف لتقدمه على اللغة ولأن الاعداد الموجودة في الخارج منحصرة لغة وإن تضاعفت أضعافا كثيرة مع عدم وجوب اجتناب جميع ذلك اجماعا وهذا الحكم أعني وجوب اجتناب المحصور دون غيره آت في كثير من أبواب الفقه كالمياه والمكان واللباس والمحرم بالأجنبي في النظر والنكاح والمذكى من الحيوان بغيره وغير ذلك والمرجع في ذلك كله إلى العرف وما حصل فيه الاشتباه بعد الاعتبار يرجع فيه إلى الأصل إلى أن يعلم الناقل عنه واعلم إن المشتبه بالنجس إذا كان محصورا لا ريب في وجوب اجتنابه بالنسبة إلى ما يشترط فيه الطهارة كالطهارة به لو كان ماء أو ترابا والسجود عليه لو كان أرضا وستر العورة به لو كان لباسا فيصير في ذلك بحكم النجس وقد روى سماعة وعمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل معه إناءآن وقع في أحدهما نجاسة لا يدرى أيهما هو وليس يقدر على ماء غيره قال يهريقهما ويتيمم وقد عمل الأصحاب بالحديثين وإن كان في سندهما كلام والامر بإراقة الماء تفخيما لحال المنع فهو كناية عن النجاسة وهذا كله لا كلام فيه إنما الكلام فيما لو أصاب أحدهما جسما طاهرا بحيث ينجس بالملاقات لو كان الملاقي معلوم النجاسة فهل يجب اجتنابه كما يجب اجتناب ما لاقاه ويجب غسله بماء متيقن الطهارة كالنجس أم يبقى على أصل الطهارة يحتمل الأول لالحاقه
(٢٢٤)