منها إلخ وأما لان رفع أحدها يقتضى رفع القدر المشترك بينها لتوقف الخصوصية على رفع الجميع إذ ليس المراد ارتفاع حقيقة الخارج أو الحاصل بل رفع حكمه وهو شئ واحد تعددت أسبابه وإذا كان كذلك في المتفق فلم لا جاز في المختلف مع نية رفع الأكبر والأقوى أو نية الاستباحة المطلقة وإنما لم يكتف بنية رفع الحدث الأصغر خاصة على تقدير حصوله مع الأكبر لعدم دخول الأقوى تحت الأضعف ولهذا حكم جمع بعدم دخول غسل الجنابة ونحوها تحت غسل المستحاضة لغير الانقطاع والمتحيرة لضعفه باستمرار الحدث مع اشتراكهما في الأكبرية بل قيل إن غسل الجنابة يجزى عن غيره ولا يجزى غيره عنه لضعفه بافتقار رفع الحدث مطلقا إلى مجامعة الوضوء فهلا كان هنا كذلك مع ما بين الحدثين من الاختلاف حكما وقوة وأما القول بأن اللازم من رفع تأثير ما مضى من الغسل وجوب الوضوء خاصة لا إعادة الغسل فقد أشرنا في أول الكلام إلى جوابه بالاجماع على عدم مجامعة الوضوء الواجب لغسل الجنابة وإلا لم يكن لنا عنه عدول ولهذا يكتفى بإعادة الوضوء لو عرض الحدث الأصغر في أثناء غسل يجامعه الوضوء على تقدير تقدمه عليه أو يكتفى بإكمال الغسل مع الوضوء إن لم يكن تقدم وقد يتخيل الإعادة هنا وطرد الخلاف بناء على أن كل واحد من الوضوء والغسل مؤثر ناقض في رفع الحدث مطلقا بتقريب الدليل المتقدم ويندفع بمنع ذلك للاجماع على جواز الصوم بالغسل خاصة مع توقفه على رفعه الحدث الأكبر غير المس وكذا على جواز دخول المساجد وقراءة العزائم وغيرهما مما لا يتوقف جوازه على رفع الحدث الأصغر وما يتوقف على الوضوء كالصلاة ومس كتابة القرآن ونحوها يتوقف على الوضوء مع الغسل وهذا يدل على أن الوضوء ليس له صلاحية التأثير فيما يتوقف على الغسل خاصة هنا ولا جزا من المؤثر فيه فعلم منه إن حدث الغسل المكمل بالوضوء موجب للوضوء والغسل معا فكان قائما مقام الأصغر والأكبر معا وكل واحد من الوضوء والغسل الرافعين له منصرف إلى موجبه إلا أن لكل واحد منهما مدخلا في رفع كل منهما وربما بالغ بعضهم في تعدية حال الإعادة هنا وطرد الخلاف إلى ما لو وقع الحدث الأصغر بعد الغسل قبل الوضوء بناء على ما قررناه من اشتراك الطهارتين في التأثير في الحدثين وهو باطل قطعا لما قلناه وقوله أن نقض الغسل بهذا الحدث يستلزم كونه موجبا للغسل ضعيف جدا أما أولا فلانه لم يحصل مسمى الغسل بعد حتى يقال أنه نقض الغسل وإنما يتم ذلك لو كمل وهو عين المتنازع ولو فرض لم ينقضه إجماعا وإنما حكم بنقض بعض الغسل فلا يتم المدعى واحتج المصنف على مذهبه من وجوب الإعادة بأن الحدث الأصغر لو تعقب كمال الغسل أبطل حكم الاستباحة ففي إبعاضه أولى فلا بد من تجديد طهارة لها وهو الآن جنب إذ لا يرتفع إلا بكمال الغسل فيسقط اعتبار الوضوء وهو دليل واضح وعبارته التي حكيناها هنا منقحة وهي عبارته في النهاية وقد عبر في المخ عن هذا الدليل بلفظ لا يخلو ظاهره من مناقشة وحاصله إن الحدث المذكور لو وقع بعد الغسل بكماله أبطله فأبعاضه أولى بالبطلان يعيده وأورد عليه بعض المحققين منع الصغرى بأن الحدث الأصغر لو أبطل الغسل لأوجبه لاشتراك الناقض والموجب في الحكم ومنع مساواة ما بعد الاكمال لما قبله لأنه بعد الاكمال ارتفع الحدث فأمكن طرو حدث آخر بخلاف الأثناء وبأن أثر الأصغر إنما هو الوضوء فلو سلم تأثيره كان اللازم الوضوء خاصة وجواب الأول أنه عنى بالابطال إبطال الاستباحة التي هي غايته وهو استعمال شايع وقد صرح به في العبارة التي حكيناها عنه من النهاية وقد تقدم جواب الثاني فإن الأصل في الحدث التأثير حيث ما وقع والاجتزاء بالغسل عنه مع الجنابة للنص لا يرفع ما ثبت له من الحكم والأصل في الحدث الأصغر إيجاب الوضوء لكن امتنع هنا للاجماع على عدمه في غسل الجنابة وقد تقدم تحقيق ذلك واحتج في الذكرى بنحو ما ذكرناه وحاصله أن الحدث لا يخلو عن أثر ما مع تأثيره بعد الكمال
(٥٨)