عنها أو تعذر استعمالها فيه أو كون الثاني أحوج لكثرة المصلين أو لاستيلاء الخراب عليه للمصلحة ولأن المالك واحد وهو الله تعالى صرح بذلك في الذكرى وأولى بالجواز صرف غلة وقفه ونذره على غيره بالشروط ولا يجوز لغير ذلك ويكره جعل الشرف للمسجد بضم الشين وفتح الراء جمع شرفة بسكون الراء وهي ما يجعل في إعلاء الجدار لان عليا عليه السلام رأى مسجدا بالكوفة قد شرف فقال كأنه بيعة وقال إن المساجد لا تشرف بل تبنى جما وكذا يكره التعلية للمساجد بل يبنى وسطا اقتداء بالسلف ولأن فيه إطلاعا على عورات المجاورين له وقد روى أن مسجد النبي صلى الله عليه وآله كان قامة وكذا يكره المحاريب الداخلة في الحائط كثيرا أو في المسجد أما الأول فذكره جماعة من الأصحاب منهم المصنف وأما الثاني فهو الظاهر من الرواية الدالة على الكراهة وهي أن عليا عليه السلام كان يكسر المحاريب إذا رآها في المساجد ويقول كأنها مذابح اليهود ويجب تقييد كراهتها بالمعنى بسبقها على المسجدية وإلا حرمت وجعلها طريقا بحيث لا يلزم تغير صورة المسجد ولا الاضرار به وإلا حرم والبيع فيها والشراء وتمكين الصبيان والمجانين منها لقوله صلى الله عليه وآله جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشرائكم وبيعكم ولأن المسجد بنى لغير ذلك ولأنه لا يؤمن حصول النجاسة من الصبيان والمجانين قال بعض الأصحاب وينبغي أن يراد بالصبي من لا يوثق به أما من علم منه ما يقتضى الوثوق به لمحافظته على التنزه من النجاسات وأداء الصلوات فإنه لا يكره تمكينه بل ينبغي القول باستحباب تمرينه على فعل الصلاة في المسجد وانفاذ الاحكام فيها لما فيه من الجدال والتخاصم والدعاوى الباطلة المستلزمة للمعصية في المسجد المتضاعف بسببه العصيان واختار المصنف في المختلف تبعا لابن إدريس وقبلهما الشيخ في الخلاف عدم الكراهة لان أمير المؤمنين عليه السلام حكم في مسجد الكوفة وقضى بين الناس بلا خلاف ودكة القضاء معروفة فيه إلى يومنا هذا و لان الحكم طاعة فجاز إيقاعها في المساجد الموضوعة للطاعات وحمل النهى الوارد في ذلك على تقدير صحته على الحبس على الحقوق والملازمة فيها عليها أو يخص بما كان فيه جدل وخصومة كقول الراوندي أو بكون المكروه دوام الحكم لا ما يتفق نادرا أو بكون الجلوس فيه لأجل ذلك لا بما إذا كان الجلوس فيه لأجل العبادة فاتفق صدور الدعوى لان الحكم حينئذ عبادة فتأخيره مناف للمسارعة المأمور بها عليه ويحمل قضاء علي عليه السلام بالجماع وتعريف الضوال وهو انشادها وكذا يكره نشدانها وهو طلبها والسؤال عنها للنهي عن ذلك في مرسلة علي بن إسباط ولأنه موضع عبادة وروى الصدوق في الفقيه إن النبي صلى الله عليه وآله سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فقال قولوا لا رد الله عليك فإنها لغير هذا بنيت وقد ذكر الأصحاب في باب اللقطة أنها تعرف في الجامع كأبواب المساجد جمعا بين الحقين وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام لا بأس بإنشاد الضالة وهو غير مناف للكراهة بدليل آخر وإنشاد الشعر لقول النبي صلى الله عليه وآله من سمعتموه ينشد الشعر في المساجد فقولوا له فض الله فاك إنما نصبت المساجد للقرآن وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام لا بأس بإنشاد الشعر قال في الذكرى ليس ببعيد حمل إباحة إنشاد الشعر على ما يقل منه ويكثر منفعته كبيت حكمة أو شاهد على لغة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وشبهه لأنه من المعلوم إن النبي صلى الله عليه وآله كان ينشد بين يديه البيت والأبيات من الشعر في المسجد ولم ينكر ذلك وربما ألحق به ما كان من الشعر موعظة أو مدحا للنبي أو الأئمة عليه السلام ومراثي الحسين عليه السلام ونحو ذلك لان ذلك كله عبادة فلا ينافي الغرض المقصود من المساجد وما زال السلف يفعلون مثل ذلك ولا ينكرونه وفى ذلك كله نظر فإن وقوعه لا ينافي الكراهة ومن سمعتموه في الخبر عام وحكمه
(٢٣٦)