والتسليم عندنا وقد قال تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وقال صلى الله عليه وآله لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم إلى غير ذلك من الأدلة فهي دعاء للميت مشروط شرع بشرائط مخصوصة وتسميته صلاة باعتبار المعنى اللغوي (ويدل على ذلك قول الصادق عليه السلام وقد سئل عن جعلها على غير وضوء إنما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل كما تكبر وتسبح في بيتك على غير وضوء صح) وذهب بعض الأصحاب ومنهم الشهيد رحمه الله إلى أنها حقيقة شرعية بدلالة الاستعمال و إرادة المجاز معه يحتاج إلى دليل لكونه على خلاف الأصل وقد اختلف تعريفها بسبب هذا الاختلاف ولا تكاد تجد تعريفا خاليا عن دخل كما هو شأن التعريفات وقد عرفها المصنف في التحرير بناء على الأول بأنها إذكار معهودة مقترنة بحركات وسكنات مخصوصة يتقرب بها العبد إلى الله تعالى فالأذكار بمنزلة الجنس تشمل إن دعاء والقراءة وغيرهما من الكلام المباح وباقي القيود بمنزلة الفصل وخرج بالمعهودة الأذكار المباحة التي لم تنقل شرعا على وجه معين وبالمقترنة بالحركات والسكنات الدعاء وقراءة القرآن وأراد بالحركات والسكنات الركوع والسجود والقيام وغيرهما مما يقوم مقامها ويخرج بها صلاة الجنازة إذ لا يعتبر فيها ذلك وقيد التقرب بيان للغاية ويخرج به صلاة الرياء ويندرج في التعريف صلاة المضطر ولو بالايماء والمطاردة وغيرها مما لا يشترط فيه القبلة ولا القيام وإنما هو ذكر بحركة مخصوصة وصلاة النافلة ولو سفرا وجالسا وغير ذلك من الأنواع ونقض في طرده بأذكار الطواف وفى عكسه بصلاة الخرس فإنه لا إذكار فيها وأجيب عن الأول بأن المراد بالاقتران التلازم من الطرفين وليس كذلك إذكار الطواف إذ لا تلازم بينها وبين الحركات لانفكاكها من الأذكار وعن الثاني بأن تحريك الأخرس لسانه قائم مقام الذكر وفيهما منع فإن الاقتران أعم (من التلازم صح) فلا بدل عليه على الخصوص وإرادة بعض أفراد العام غير جائز في التعريف إلا بقرينة جلية و لأنا نفرضه فيما لو وجبت فيه بنذر وشبهه فإنهما حينئذ متلازمان وهو كاف النقض ولا يلزم من قيام حركة لسان الأخرس مقام الذكر كونه ذكرا فإن البدل مغاير للمبدل وعرفها المحقق الشيخ على بأنها أفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم للقربة وادعى فيه الاحتراز التام وصحة الاطراد والانعكاس وأورد على طرده بالذكر المنذور المفتتح بالتكبير المختتم بالتسليم وإبعاض الصلاة الأخيرة المفتتحة بالتكبير كالركوع والسجود والتشهد المتصلة بالتسليم و بالصلاة المتبين فسادها بعدم الطهارة مثلا فأجاب بأن المراد بالتكبير تكبير مخصوص متعارف بين الفقهاء إذا أطلق تكبير الافتتاح يستفاد منه لك التكبير المخصوص أعني تكبير التحريم فاللام فيه للعهد وكذا المراد بالتسليم تسليم مخصوص وهو المحلل لا التحية المتعارفة ولا التسليم على الأنبياء وغيرهم لان ذلك لا يفهم من التسليم على السنة الفقهاء وهذا المعنى منتف في الذكر المنذور فإن أريد بالنذر وقلنا بانعقاده لم يتصور مثله في التسليم بمعنى المحلل لان التسليم على الوجه المخصوص ليس عبادة مطلقا بل في مواضع مخصوصة فلا يمكن جعله عبادة بالنذر لأنها موقوفة على أذن الشارع بخلاف التكبير فإنه عبادة مطلقا لأنه ذكر لله وثناء عليه وهذا بعينه جواب عن الصلاة الفاسدة والأبعاض المذكورة ويزيد منع كونها مفتتحة بتكبير لان فاتحة الشئ جزؤه الأول (كما في افتتاح الصلاة بالتكبير فإنه جزئها الأول صح) بناء على ما حقق من كون النية بالشرط أشبه وفيه نظر لان هذا التكبير المعروف بين الفقهاء لا يمكن معرفته إلا مضافا إلى الصلاة فيكون قد أخذ في تعريف الصلاة ما يتوقف فهمه عليها وهو دور وأيضا لو أريد بالتكبير ما حصل فيه فائدة التحريم وبالتسليم ما حصل فيه فائدة التحليل لم يتصور الحكم ببطلان الصلاة بزيادتهما فإن ذلك الزائد غير محرم ولا محلل وإنما المراد الاتيان بصورهما بقصدها وقوله إن التسليم على ذلك الوجه ليس عبادة ولا ينعقد نذره موضع نظر أيضا فإنهم قد نصوا على استحباب أن يقصد به التسليم على الأنبياء والأئمة والملائكة إلى غير ذلك مما فصلوة ولا ريب إن التسليم على هؤلاء أمر مندوب فيكون
(١٧٣)