أن يستدل بأصالة عدم الوجوب ويعتضد بالاخبار الأخرى فإنها وإن لم يكن طريقها صحيحا لكنها من الموثق ويكون حمل أخبار النهى على الكراهة طريقا للجمع وهو خير من إطراح هذه الأخبار التي قد صح بعضها واعتضد باقيها (باقيها بعمل صح) وعمل جماعة من الأصحاب بمضمونها وقوى العمل بها أن حديث الصلاة خير موضوع بالوصف فمن شاء استقل ومن شاء استكثر ويدل على أن الركعتين نافلة أو على جواز النافلة لمن عليه فريضة صحيح زرارة عن الباقر عليه السلام في حديث طويل يتضمن وصف الصلاة التي فاتته صلى الله عليه وآله وأنه أمر بلالا فأذن ثم صلى صلى الله عليه وآله ركعتي الفجر وأمر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر ثم قام فصلى بهم الصبح وفيه أن بعض أعدائه اعترضه بأنه عليه السلام روى عن رسول الله صلى عليه وآله إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى تبدأ بالمكتوبة فأجاب عليه السلام بأنه قد فات الوقتان جميعا وإن ذلك كان قضاء من رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا الحديث كما دل على جواز النافلة في وقت قضاء الفريضة كذلك يدل على توسعة وقت القضاء وإن كانت الفائتة متحدة ليومها لتقديمه النافلة على قضاء الفريضة فإن قيل هذه الحجة أخص من المدعى لأنها دلت على جواز النافلة لمن عليه فريضة مقضية خاصة والمدعى جوازها مطلقا فلا يتم الاحتجاج بها على الجواز بل هي على المنع أدل ويؤيده صحيحة زرارة أيضا قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أصلى نافلة وعلى فريضة أو في وقت فريضة قال لا أنه لا تصلى نافلة في وقت فريضة أرأيت لو كان عليك صوم من شهر رمضان كان لك أن تتطوع حتى تقضيه قال قلت لا قال فكذلك الصلاة قال فقايسني وما كان يقايسني وكأنه عليه السلام أراد به مجرد المثال أو ليعلم زرارة ما يحتج به على خصومه لا الاحتجاج بالقياس وهذا الحديث أيضا صريح في النهى عن النافلة في وقت الفريضة وإذا جمع بينه وبين ما قبله كان النهى مختصا بفعلها في وقت الحاضرة لأنها ذات الوقت حقيقة قلنا قد ثبت دلالة الأولى على جواز النافلة لمن عليه فريضة في الجملة ويحمل الثانية عليها ولا قائل بالتفصيل فاللازم أما إطراح الرواية أو القول بالجواز في الجملة ومتى قيل به في الجملة لزم القول به مطلقا لعدم القائل بالفرق فالقول به إحداث قول ثالث فإن قيل بطريق القلب دل الحديثان على النهى عن النافلة في وقت الفريضة في الجملة ولا قائل بالتفصيل فاللازم إطراح الروايتين إن لم نقل بالمنع مطلقا حذرا من إحداث قول ثالث قلنا يمكن حمل النهى على الكراهة بينهما وبين ما دل على الجواز فإن القول بحمل النهى على التحريم يستلزم إطراح تلك الأخبار بالكلية أو حملها على ما لا يدل عليه كحملها على انتظار الجماعة فكان حمل النهى على الكراهة التي هي أحد مفهوماته أولى مع أن حديث لا صلاة لمن عليه صلاة لم يستثبته الأصحاب من طريقهم وإنما أورده الشيخ في المبسوط والخلاف مرسلا ولم يذكره في كتابي الاخبار والله أعلم ويكره ابتداء النوافل في خمسة مواطن ثلاثة تعلق النهى فيها بالزمان وهي عند طلوع الشمس حتى ترتفع وتذهب الحمرة ويستولي سلطانها بظهور شعاعها فإنه في ابتداء طلوعها ضعيف وعند غروبها أي ميلها إلى الغروب وهو اصفرارها حتى يكمل الغروب بذهاب الحمرة المشرقية وعند قيامها في وسط النهار ووصولها إلى دائرة نصف النهار المعلوم بانتهاء نقصان الظل إلى أن تزول وبأخذ الظل في الزيادة والكراهة ثابتة في جميع الأيام إلا يوم الجمعة فلا يكره النافلة فيها عند القيام فإنه يستحب التنفل فيها بركعتين نصف النهار لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وعن الصادق عليه السلام لا صلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة ووقتان تعلق النهى فيهما بالفعل بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ومعنى تعلقه هنا بالفعل اختصاصه بمن صلى الصبح والعصر دون من لم يصلهما وإن من
(١٨٤)