أحصيهما وأعرفهما، فأمر بالحلال وأنهى عن الحرام في مقام واحد، فأمرت أن آخذ البيعة عليكم والصفقة منكم بقبول ما جئت به عن الله عز وجل في علي أمير المؤمنين والأئمة من بعده، معاشر الناس تدبروا وافهموا آياته، وانظروا في محكماته ولا تتبعوا متشابهه، فوالله لن يبين لكم زواجره، ولا يوضح لكم عن تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده.
44 وعن أمير المؤمنين عليه السلام في احتجاجه على زنديق سأله عن آيات متشابهة من القرآن فأجابه - إلى أن قال عليه السلام: وقد جعل الله للعلم أهلا وفرض على العباد طاعتهم بقوله: (أطيعوا الله وأطيعوا رسول وأولي الأمر منكم) وبقوله:
(ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) وبقوله:
(اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) وبقوله: (ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) وبقوله: (وأتوا البيوت من أبوابها) والبيوت هي بيوت العلم التي استودعها الأنبياء، وأبوابها أوصياؤهم، فكل عمل من أعمال الخير يجرى على غير أيدي الأوصياء وعهودهم وحدودهم وشرايعهم وسننهم ومعالم دينهم مردود غير مقبول، وأهله بمحل كفر وإن شملهم صفة الايمان، ثم إن الله قسم كلامه ثلاثة أقسام: فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل، وقسما لا يعرفه إلا من صفا ذهنه ولطف حسه وصح تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام، وقسما لا يعلمه إلا الله وملائكته والراسخون في العلم وإنما فعل ذلك لئلا يدعى أهل الباطل المستولين على ميراث رسول الله صلى الله عليه وآله من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم، وليقودهم الاضطرار إلى الايتمام بمن ولى أمرهم فاستكبروا عن طاعته الحديث. أقول: لا يخفى أن آيات الأحكام بالنسبة إلى الأحكام النظرية كلها (*) من القسم الثالث ولا أقل من الاحتمال، وهو كاف كيف؟