تركه، وإنما يحتج برواية مطرف هذا من لم يمنع من الجذع إلا من الماعز فقط، وأما من منع من الجذاع كلها مما عدا الضأن فلا حجة له في شئ من هذا الخبر بل هو حجة عليه، وبالله تعالى التوفيق كما أن هذا الخبر نفسه قد رواه زكريا عن فراس عن الشعبي عن البراء أن أبا بردة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان عندي شاة خير ما شاتين قال: ضح بها فإنها خير نسيكة) ولم يذكر أنها لا تجزى عن أحد بعدك، وكذلك روايتنا من طريق سفيان بن عيينة عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك فذكر هذا الخبر نفسه وان ذلك القائل قال: (يا رسول الله عندي جذعة هي أحب إلى من شاتي لحم أفأذبحها؟) فرخص له قال أنس: فلا أذرى أبلغت رخصة من سواه أم لا؟ فلم يجعل المخالفون سكوت زكريا عما زاده غيره من بيان أنه خصوص ولا سكوت أنس عن ذلك أيضا، ومغيب ذلك عنه حجة في رد الزيادة التي ذكرها (1) غيرهما فما الذي جعل هذه الزيادة واجبا اخذها وزيادة من زاد لفظة الجذعة لا يجب أخذها؟ ان هذا لتحكم في الدين بالباطل، ونعوذ بالله من هذا * قال أبو محمد: وقد جاء خبر يمكن ان يشغب به وهو ما رويناه من طريق مسلم نا نصر ابن علي الجهضمي نا يزيد بن زريع نا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة عن أبيه قال: (لما كان ذلك اليوم قعد النبي صلى الله عليه وسلم على بعيره وقال:
أتدرون أي يوم هذا؟) (2) وذكر الحديث وفيه (أنه عليه السلام قال: أليس بيوم النحر؟ قالوا: بلى) (3)، ثم ذكر الحديث وفيه (ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما والى جذيعة (4) من الغنم فقسمها بيننا) * قال على: ليس فيه أنه أعطاهم إياها ليضحوا بها ولا أنهم ضحوا بها وإنما فيه أنه عليه السلام قسمها بينهم والكذب لا يحل، وأيضا فاسم الغنم يقع على الماعز كما يقع على الضأن فإن كان حجة لهم في إباحة التضحية بالجذاع من الضأن فهو حجة في إباحة التضحية بالجذاع من المعز، وان لم يكن حجة في إباحة التضحية بالجذاع من الماعز فليس حجة في إباحة التضحية بجذاع الضأن، والنهى قد صح عاما في أن لا تجزئ جذعة بعد أبي بردة * وخبر آخر نذكره أيضا (5) وهو ما رويناه من طريق مسلم نا أحمد بن يونس نا زهير ابن معاوية نا أبو الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تذبحوا الا مسنة إلا أن تعسر (6) عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) * قال أبو محمد: هذا حجة على الحاضرين من المخالفين لأنهم يجيزون الجذع من الضأن