والحنيفيون الاحرام بالوطئ ناسيا ولم يبطله الله تعالى قط بذلك ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يبطلوه (1) بقتل الصيد المحرم، وأبطلوا هم والشافعيون الحج بالاكراه على الوطئ ولم يبطله الله تعالى قط به ولا رسوله عليه السلام ولم يبطلوه بقتل الصيد عمدا، وبالله تعالى التوفيق * 877 - مسألة - فلو أن كتابيا قتل صيدا في الحرم لم يحل أكله لقول الله تعالى:
(وان احكم بينهم بما أنزل الله) فوجب ان يحكم الله تعالى على المسلمين، وبالله تعالى التوفيق، 878 - مسألة - وأما المتعمد لقتل الصيد وهو محرم (2) فهو مخير بين ثلاثة أشياء أيها شاء فعله؟ وقد أدى ما عليه اما ان يهدى مثل الصيد الذي قتل من النعم وهي الإبل. والبقر. والغنم ضأنها. وماعزها. وعليه من ذلك ما يشبه الصيد الذي قتل مما قد حكم به عدلان من الصحابة رضي الله عنهم أو من التابعين رحمهم الله، وليس عليه ان يستأنف تحكيم حكمين الآن وان شاء أطعم مساكين، وأقل ذلك ثلاثة وان شاء نظر إلى ما يشبع ذلك الصيد من الناس فصام بدل كل إنسان يوما * برهان ذلك قول الله تعالى: (فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما) فأوجب الله تعالى التخيير في ذلك بلفظة أو، وأوجب من المثل ما حكم. به ذوا عدل منا، فصح ان الصاحبين إذا حكما بمثل في ذلك فقد صار فرضا لازما لا يحل تعديه، وكذلك الصاحب والتابع ان لم يوجد فيه حكم صاحبين، وكذلك حكم التابعين ان لم يوجد فيه حكم صاحب، وأوجب تعالى طعام مساكين، وهذا بناء لا يقع على أقل من ثلاثة في اللغة التي بها نزل القرآن ويقع على ثلاثة فصاعدا إلى مالا يقدر على احصائه الا الله عز وجل، فكان إيجاب عدد أكثر من ثلاثة قولا على الله تعالى بلا برهان، وهذا لا يجوز ووجب اطعام الثلاثة بنص القرآن لا أقل، فان زاد فهو تطوع خير، ونحن نشهد بشهادة الله عز وجل ونقطع بأنه تعالى لو أراد ان يلزم في هذا عددا محدودا من المساكين لا يوجبه ظاهر الآية أو صفة من الاطعام لا يقتضيه ظاهر الآية لما أغفله عمدا ولا نسيه ولبينه لنا في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كما بين عدد المساكين في كفارة قتل الخطأ.
وكفارة العود للظهار. وكفارة الايمان. وكفارة الوطئ في رمضان. وكفارة حلق الرأس للأذى في الاحرام، فإذ لم ينص تعالى هنا على عدد بعينه ولا على صفة بعينها فنحن نشهد بشهادة الله الصادقة أنه لم يلزم في ذلك غير ما افتضاه ظاهر الآية بيقين لا مجال للشك