الاعتراض بعينه هنا وأخذوا بخبر مكذوب مخالف للأصول وللقرآن وللسنن (1) لأنه لا يخلو الحربيون من أن يكونوا ملكوا ما أخذوا منا أولم يملكوه، فإن كانوا لم يملكوه فهذا قولنا وهو خلاف قولهم، والواجب ان يرد إلى مالكه لكل حال قبل القسمة وبعدها بلا ثمن يكلفه، وإن كانوا قد ملكوه فلا سبيل للذي أخذ منه عليه لا بثمن ولا بغير ثمن لا قبل القسمة ولا بعد القسمة لأنه كسائر الغنيمة ولا فرق، فأي عجب أعجب من هذا!
وأيضا فإنه لا يخلو الذي وقع في سهمه من أن يكون ملكه أو لم يملكه، فإن كان لم يملكه فهو قولنا والواجب رده إلى مالكه وان قالوا: بل ملكه قلنا فما يحل اخراج ملكه عن يده بغير طيب نفس منه لا بثمن ولا بغير ثمن، فهل سمع بأبين فساد من هذه الأقوال الفاسدة والتناقض الفاحش والتحكم في دين الله تعالى وفي أموال الناس بالباطل الذي لا خفاء به؟ فسقط هذا القول جملة إذ لم يصح فيه أثر ولا صححه نظر * وأما قول من قال: يرد قبل القسمة ولا يرد بعدها بقول أيضا لا يقوم على صحته دليل أصل لا من نص. ولا من رواية ضعيفة.
ولا من نظر. ولا من وجه من الوجوه * وأما قول من قال: لا يرد قبل القسمة ولا بعدها فهو أقلها تناقضا، وعمدتهم ان أهل الحرب قد ملكوا ما أخذوا منا، ولو صح لهم هذا الأصل لكان قولهم هو الحق لكن نقول لهم: قال الله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام)، وقال عليه السلام (ليس لعرق ظالم حق)، وقال عليه السلام: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)، فأخبرونا عما أخذه منا أهل الحرب أبحق أخذوه أم بباطل؟ وهل أموالنا مما أحله الله تعالى لهم أو مما حرمه عليهم، وهل هم ظالمون في ذلك أو غير ظالمين؟ وهل عملوا من ذلك عملا موافقا لأمر الله تعالى وأمر نبيه عليه السلام أو عملا مخالفا لامره تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم؟ وهل يلزمهم دين الاسلام ويخلدون لي النار لخلافهم له؟ أم لا؟ ولابد من أحدها * فالقول بأنهم أخذوه بحق وانه مما أحله الله تعالى لهم وأنهم غير ظالمين في ذلك وأنهم لم يعملوا بذلك عملا مخالفا لأمر الله تعالى وأمر رسوله عليه السلام، وانه لا يلزمهم دين الاسلام كفر صراح براح لامرية فيه، فسقط هذا القول، وإذا قد سقط فلم يبق الا الآخر وهو الحق اليقين من أنهم إنما أخذوه بالباطل وأخذوا حراما عليهم وهم في ذلك أظلم الظالمين وانهم علوا بذلك عملا ليس عليه أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وان التزام دين الاسلام فرض عليهم، فإذ لا شك في هذا فأخذهم لما أخذوا باطل مردود، وظلم مفسوخ ولاحق لهم ولا لاحد يشبههم فيه، فهو على ملك مالكه