ليس ذكاة فصح أنه لم ينه عن تذكيته، وإذا ثبت هذا فلم يأت النص بنهي عن تملك الصيد بغير التصيد فهو حلال * وبرهان قاطع وهو أن النبي عليه السلام سكن المدينة إلى أن مات، وهي حرم كمكة سواء سواء وأصحابه بعده، ولم يزل عليه السلام يهدى له الصيد ولأصحابه ويدخل به المدينة حيا فيبتاع ويذبح ويؤكل ويتملك، ومذكى فيباع ويؤكل، هذا أمر لا يقدر على إنكاره أحد جيلا بعد جيل، وكذلك بمكة وهي حرم * حدثنا يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري نا عبد الوارث بن سفيان نا قلسم بن أصبغ نا أحمد بن زهير بن حرب - هو ابن أبي خيثمة نا عبيد الله بن عمر نا حماد بن زيد قال: سمعت داود بن أبي هند يحدث هشام به عروة أن عطاء يكره ما أدخل من الصيد من الحل ان يذبح في الحرم، فقال هشام: وما علم عطاء، ومن يأخذ عن ابن أبي رباح كان أمير المؤمنين بمكة - يعنى عمه ابن الزبير - تسع سنين يراها في الأقفاص وأصحاب رسول الله عليه السلام يقدمون بها القمارى (1) واليعاقيب (2) لا ينهون عن ذلك * قال أبو محمد: ما لم يمنع منه الحرم لم يمنع منه الاحرام إذ لم يفرق بين ذلك النص أصلا فارتفع الاشكال، وبالله تعالى التوفيق، إلا أن أبا حنيفة قال: من أحرم وفي منزله صيد أو معه في قفص لم يلزمه إرساله فإن كان في يده لزمه إرساله فان وجده بعد إحلاله في يد إنسان قد أخذه كان له ارتجاعه وانتزاعه من الذي هو بيده، وهذا تخليط ناهيك به، ولئن كان يسقط ملكه عنه باحرامه فما له ان يأخذه ممن ملكه ولا سبيل إلى عودة ملكه عليه بعد سقوطه الا ببرهان، وإن كان ملكه لم يسقط عنه باحرامه فلا يلزمه إرساله، وقال أيضا: ان صاد محل صيدا فأدخله حرم مكة حيا فعليه أن يرسله فان باعه فسخ بيعه فان باعه ممن يذبحه أو ذبحه فعليه الجزاء، وهذا تخليط وتناقض لما ذكرنا قبل * وروينا عن مجاهد لا بأس أن يدخل الصيد في الحرم حيا، ثم يذبح * وعن عطاء. وعمرو بن دينار. وسعيد بن جبير أيضا مثل هذا * ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن صابح به كيسان قال: رأيت الصيد يباع بمكة حيا في إمارة ابن الزبير * قال أبو محمد: ولافرق بين من كان في الحرم. وبين المحرم في الحل والحرم لان كليهما يقع عليه اسم حرم، وبالله تعالى التوفيق، فإذ قد صح هذا فالواجب فيمن قتل صيدا متملكا وهو محرم أو في الحرم أن يؤدى لصاحبه صيدا مثله يبتاعه له أو قيمته ان لم يوجد مثله ولا جزاء فيه ولا يؤكل الذي قتل لأنه ميتة إذ قتله بغير إذن صاحبه *
(٢٥٢)