من ذلك قلنا: حسبنا وإياكم اقراركم بصحة الاجماع على الطال علتكم، وعلى أنه ليس كل إماطة أذى تجب فيه فدية، والزام الصيام والصدقة والهدى شرع لا يجوز الزامه أحد حيث لم يلزمه الله تعالى ولا رسوله عليه السلام، فان ادعوا اجماعا كذبوا لأنهم لا يقدرون على أن يوردوا في ذلك قول عشرة من صاحب، وتابع في ذلك مع اختلافهم في أقوالهم، * واما الشافعي فإنه احتج له مقلده بأن كل من ذكرنا يقدر الناس على إزالته عن نفسه الا حلق الشعر فلا يقدر على أنباته فقلنا: فكان ماذا؟ وأي شئ في هذا مما يوجب الفدية؟ وهل زدتم إلا دعوى لا برهان لها * وروينا من طريق ابن عمر كان يأكل الخبيص الأصفر (1) وهو محرم يعنى المزعفر * ومن طريق ابن أبي شيبة نا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: يكتحل المحرم بأي كحل شاء ما لم يكن فيه طيب * ومن طريق شعبة عن شمسية الأزدية أن عائشة أم المؤمنين قالت لها: اكتحلي بأي كحل شئت غير الإثمد أما انه ليس بحرام ولكنه زينة، ونحن نكرهه * ومن الخلاف في ذلك ما رويناه من طريق ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن مهدي نا يزيد ابن إبراهيم عن قتادة أن عبد الرحمن بن أبي بكر أمر امرأة محرمة اكتحلت بإثمد أن تهرق دما * ومن طريق سعيد بن منصور نا مروان - هو ابن معاوية الفزاري - نا صالح بن حي قال:
رأيت أنس بن مالك أصاب ثوبه خلوق الكعبة فلم يغسله - وكان محرما - وعن عطاء. وسعيد بن جبير مثله سواء سواء * ومن طريق الحجاج بن أرطاة عن أبي الزبير عن جابر ان شم المحرم ريحانا. أو مس طيبا أهرق دما (2) * وقد روينا من طريق عائشة أم المؤمنين (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم) * ومن طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء وطاوس عن ابن عباس (أن النبي عليه السلام احتجم وهو محرم) * ومن طريق مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة نا المعلي بن منصور نا سليمان بن بلال عن علقمة بن أبي علقمة عن عبد الرحمن الأعرج عن ابن بحينة قال: (احتجم رسول الله عليه السلام بطريق مكة (3) وهو محرم وسط رأسه) * قال أبو محمد: لم يخبر عليه السلام ان في ذلك غرامة ولا فدية ولو وجبت لما أغفل ذلك وكان عليه السلام كثير الشعر أفرع، (4) وإنما نهينا عن حلق الرأس في الاحرام، والقفا ليس رأسا ولا هو من الرأس، فان ذكروا ما روينا عن معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر