اختلفوا عليه فوجب ترك ما اضطربوا فيه إذ ليس بعضه أولى من بعض، ووجب الرجوع إلى رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى الذي لم يضطرب الثقات من رواته فيه، ولو كان ما ذكر في هذه الأخبار عن قضايا شتى لوجب الاخذ بجميعها وضم بعضها إلى بعض وأما في قضية واحدة (1) فلا يمكن ذلك أصلا، ثم وجدنا أبان بن صالح قد ذكر في روايته فرقا من زبيب، وابان لا يعدل في الحفظ بداود بن أبي هند عن الشعبي عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى ولا بأبي قلابة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ولابد من أخذ احدى هاتين الروايتين إذا لا يمكن جمعهما لأنها كلها في قضية (2) واحدة، في مقام واحد، في رجل واحد، في وقت واحد، فوجب أخذ ما رواه أبو قلابة، والشعبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجزة لثقتهما (3)، ولأنها مبينة لسائر الأحاديث، وبالله تعالى التوفيق * وأما من حلق رأسه لغير ضرورة عالما عامدا بان ذلك (4) لا يجوز، أو حلق بعض رأسه وخلى البعض عالما بان ذلك لا يجوز فقد عصى الله تعالى وكل معصية فسوق وقد بينا ان الفسوق (5) يبطل الاحرام، وبالله تعالى التوفيق، ولا شئ في ذلك لان الله تعالى لم يوجب الكفارة الا على من حلق رأسه لمرض. أو أذى به فقط (وما كان ربك نسيا) ولا يجوز ان يوجب فدية، أو غرامة، أو صيام، لم يوجبه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم فهو شرع في الدين لم يأذن به الله تعالى، ولا يجوز قياس العاصي على المطيع لو كان (6) القياس حقا فكيف وهو كله باطل؟ وأما من قطع من شعر رأسه ما لا يسمى بذلك (7) حالقا بعض رأسه فإنه لم يعص ولا أتى منكرا لان الله تعالى لم ينه المحرم الا عن حق رأسه ونهى جملة على لسان رسوله (8) صلى الله عليه وسلم عن حلق بعض الرأس دون بعض وهو القزع (9) * روينا من طريق أبى داود نا أحمد بن حنبل نا عبد الرزاق نا معمر عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر قال: (رأى النبي صلى الله عليه وسلم صبيا (10) قد حلق بعض شعره وترك بعضه فنها هم عن ذلك، وقال: احلقوا كله. أو اتركوا كله (11)) * قال أبو محمد: وجاءت اخبار لا تصح، منها من طريق الليث عن نافع عن رجل أنصاري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم امر كعب بن عجرة ان يحلق ويهدى بقرة) وهذا مرسل عن مجهول *
(٢١١)