على بعض منهم من كلم الله) وقال (يا موسى اني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) وقال (وكلم الله موسى تكليما) ولو كانت الرسالة تكليما لشارك موسى غيره من الرسل ولم يختص بكونه كليم الله ونجيه، وقد قال أحمد حين مات بشر الحافي لقد كان فيه انس وما كلمته قط وقد كانت بينهما مراسلة، وممن قال لا يحنث بهذا الثوري وأبو حنيفة وابن المنذر والشافعي في الجديد واحتج أصحابنا بقوله تعالى (وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا أو من رواء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي) فاستثنى الرسول من التكلم، والأصل أن يكون المستثنى من جنس المستثني منه ولأنه وضع لافهام الآدميين أشبه الخطاب، والصحيح ان هذا ليس بتكلم وهذا الاستثناء من غير الجنس كما قال في الآية الأخرى (آيتك الا تكلم الناس ثلاثة أيام الا رمزا) والرمز ليس بتكلم لكن ان نوى ترك مواصلته أو كان سبب يمينه يقتضي هجرانه حنث لذلك، ولذلك قال أحمد ان الكتاب يجري مجرى الكلام وقد يكون بمنزلة الكلام فلم يجعله كلاما إنما قال هو بمنزلته في بعض الحالات إذا كان السبب يقتضي ذلك، وإذا أطلق احتمل ان لا يحنث لأنه لم يكلمه واحتمل ان يحنث لأن الغالب من الحالف هذه اليمين قصد ترك المواصلة فتعلق يمينه بما يراد في الغالب كقولنا في المسألة قبلها والله أعلم (فصل) وإن أشار إليه ففيه وجهان قال القاضي يحنث لأنه في معنى المكاتبة والمراسلة في الافهام (والثاني) لا يحنث ذكره أبو الخطاب لأنه ليس بكلام قال الله تعالى لمريم عليها السلام (فقولي اني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيا - إلى قوله - فأشارت إليه) وقال في زكريا) آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا - إلى قوله - فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم ان سبحوا بكرة وعشيا) ولان الكلام حروف وأصوات ولا يوجد في الإشارة ولان الكلام شئ مسموع وتبطل به الصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم " ان صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الناس " والإشارة بخلاف هذا فإن قيل فقد قال الله تعالى (آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام الا رمزا) قلنا هذا استثناء من غير الجنس بدليل ما ذكرنا وصحة نفيه عنه فيقال ما كلمه وإنما أشار إليه (فصل) فإن كلم غير المحلوف عليه بقصد اسماع المحلوف عليه فقال احمد يحنث لأنه قد أراد تكليمه وقد روينا عن أبي بكرة نفيع بن الحارث أنه كان قد حلف ان لا يكلم أخاه زيادا فلما أراد زياد الحج جاء أبو بكرة إلى قصر زياد فدخل فأخذ بنيا لزياد صغيرا في حجره ثم قال يا ابن أخي ان أباك يريد الحج ولعله يمر بالمدينة فيدخل على أم حبيبة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا النسب الذي ادعاه وهو يعلم أنه ليس بصحيح، وان هذا لا يحل له ثم قال فخرج وهذا يدل على أنه لم يعتقد ذلك تكليما له. ووجه الأول انه أسمعه كلامه
(٣٢٧)