أبو الخطاب يحنث في الحالين لأن اقراره على الخدمة استخدام ولهذا يقال فلان يستخدم عبده إذا خدمه وان لم يأمره ولان ما حنث به في عبده حنث به في غيره كسائر الأشياء وقال الشافعي لا يحنث في الحالين لأنه حلف على فعل نفسه ولا يحنث بفعل غيره كسائر الافعال (فصل) وإذا حلف رجل بالله لا يفعل شيئا فقال له آخر يميني في يمينك لم يلزمه شئ لأن يمين الأول ليست ظرفا ليمين الثاني، وان نوى انه يلزمني من اليمين ما يلزمك لم يلزمه حكمها قاله القاضي وهو مذهب الشافعي لأن اليمين بالله لا تنعقد بالكناية لأن تعلق الكفارة بها لحرمة اللفظ باسم الله المحترم أو صفة من صفاته ولا يوجد ذلك في الكناية وان حلف بطلاق فقال آخر يميني في يمينك ينوي أنه يلزمني من اليمين ما يلزمك انعقدت يمينه نص عليه أحمد وسئل عن رجل حلف بالطلاق لا يكلم رجلا فقال رجل وانا على مثل يمينك فقال عليه مثل ما قال الذي حلف لأن الكناية تدخل في الطلاق وكذلك يمين العتاق والظهار وان لم ينو شيئا لم تنعقد يمينه لأن الكناية لا تعمل بغير نية وليس هذا بصريح، وإن كان المقول له لم يحلف بعد وإنما أراد أنه يلزمه ما يلزم الاخر من يمين يحلف بها فحلف المقول له لم تنعقد يمين القائل وإن كان في الطلاق والعتاق لأنه لابد أن يكون هناك ما يكنى عنه وليس ههنا ما يكنى عنه وذكر القاضي في موضع آخر فيمن قال ايمان البيعة تلزمني أنه ان عرفها ونوي جميع ما فيها انعقدت يمينه بجميع ما فيها وهذا خلاف ما قاله في هذه المسألة فيكون فيها وجهان (فصل) فإن قال ايمان البيعة تلزمني فقال أبو عبد الله بن بطة كنت عند أبي القاسم الخرقي وقد سأله رجل عن ايمان البيعة فقال لست أفتي فيها بشئ ولا رأيت أحدا من شيوخنا يفتي في هذه اليمين قال وكان أبي رحمه الله يعني أبا علي يهاب الكلام فيها ثم قال أبو القاسم: الا ان يلتزم الحالف بها جميع ما فيها من الايمان فقال له السائل عرفها أو لم يعرفها؟ فقال نعم وايمان البيعة هي التي رتبها الحجاج يستحلف بها عند البيعة والامر المهم للسلطان وكانت البيعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين بالمصافحة فلما ولي الحجاج رتبها أيمانا تشتمل على اليمين بالله والطلاق والعتاق وصدقة المال فمن لم يعرفها لم تنعقد يمينه بشئ مما فيها لأن هذا ليس بصريح في القسم والكناية لا تصح الا بالنية ومن لم يعرف شيئا لم يصح ان ينويه وان عرفها ولم ينو عقد اليمين بما فيها لم يصح أيضا لما ذكرناه ومن عرفها ونوي اليمين بما فيها صح في الطلاق والعتاق لأن اليمين بها تنعقد بالكناية وما عدا ذلك من اليمين بالله وما عدا الطلاق والعتاق فقال القاضي ههنا تنعقد يمينه أيضا لأنها يمين فتنعقد بالكناية المنوية كيمين الطلاق والعتاق، وقال في موضع آخر لا تنعقد اليمين بالله بالكناية وهو مذهب الشافعي لأن الكفارة وجبت فيها لما ذكر فيها من اسم الله العظيم المحترم ولا يوجد ذلك في الكناية والله أعلم
(٣٣٠)