(فصل) فإن حفر إنسان في ملكه بئرا فوقع فيها إنسان أو دابة فهلك به وكان الداخل دخل بغير إذنه فلا ضمان على الحافر لا عدوان منه وان دخل باذنه والبئر بينة مكشوفة والداخل بصير يبصرها فلا ضمان أيضا، لأن الواقع هو الذي أهلك نفسه فأشبه ما لو قدم إليه سيف فقتل به نفسه وإن كان الداخل أعمى أو كانت في ظلمة لا يبصرها الداخل أو غطى رأسها فلم يعلم الداخل بها حتى وقع فيها فعليه ضمانه، وبهذا قال شريح والشعبي والنخعي وحماد ومالك وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي وقال في الآخر لا يضمنه لأنه هلك بفعل نفسه ولنا أنه تلف بسببه فضمنه كما لو قدم له طعاما مسموما فأكله وبهذا ينتقض ما ذكروه وان اختلفا فقال صاحب الدار ما أذنت لك في الدخول وادعى ولي الهالك أنه أذن له فالقول قول المالك لأنه منكر وان قال كانت مكشوفة وقال الآخر كانت مغطاة فالقول قول ولي الواقع، لأن الظاهر معه فإن الظاهر أنه لو كانت مكشوفة لم يسقط فيها ويحتمل أن القول قول المالك، لأن الأصل براءة ذمته فلا تشتغل بالشك ولان الأصل عدم تغطيتها.
(فصل) وإذا بنى في ملكه حائطا مائلا إلى الطريق أو إلى ملك غيره فتلف به شئ وسقط على شئ فأتلفه ضمنه لأنه متعد بذلك فإنه ليس له الانتفاع بالبناء في هواء ملك غيره أو هواء مشترك، ولأنه يعرضه للوقوع على غيره في غير ملكه فأشبه ما لو نصب فيه منجلا يصيد به،