ولم تنكر فكانت، اجماعا، ولان التقديم في الحضانة يلحق به الولد فيتقدم من هو أشفق لأن حظ الولد عنده أكثر واعتبرنا الشفقة بمظنتها إذ لم يمكن اعتبارها بنفسها فإذا بلغ الغلام حدا يعرب عن نفسه ويميز بين الاكرام وضده فمال إلى أحد الأبوين دل على أنه أرفق به وأشفق عليه فقدم بذلك وقيدناه بالسبع لأنها أول حال أمر الشرع فيها بمخاطبته بالامر بالصلاة، ولان الام قدمت في حال الصغر لحاجته إلى حمله ومباشرة خدمته لأنها أعرف بذلك وأقوم به فإذا استغنى عن ذلك تساوى والداه لقربهما منه فرجح باختياره (فصل) ومتى اختار أحدهما فسلم إليه ثم اختار الآخر رد إليه فإن عاد فاختار الأول أعيد إليه هكذا أبدا كلما اختار أحدهما صار إليه لأنه اختيار شهوة لحظ نفسه فاتبع ما يشتهيه كما يتبع ما يشتهيه في المأكول والمشروب وقد يشتهي المقام عند أحدهما في وقت وعند الآخر في وقت وقد يشتهي التسوية بينهما وأن لا ينقطع عنهما، وإن خيرناه فلم يختر واحدا منهما أو اختارهما معا قدم أحدهما بالقرعة لأنه لا مزية لأحدهما على صاحبه ولا يمكن اجتماعهما على حضانته فقدم أحدهما بالقرعة فإذا قدم بها ثم اختار الآخر رد إليه لأننا قدمنا اختياره الثاني على الأول فعلى القرعة التي هي بدل أولى (فصل) فإن كان الأب معدوما أو من غير أهل الحضانة وحضر غيره من العصبات كالأخ والعم وابنه قام مقام الأب فيخير الغلام بين أمه وعصبته لأن عليا رضي الله عنه خير عمارة الجرمي
(٣٠١)