(فصل) قال أصحابنا ولا سكنى للمتوفى عنها إذا كانت حائلا. رواية واحدة وان كانت حاملا فعلى روايتين وللشافعي في سكنى المتوفى عنها قولان وجه الوجوب قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير اخراج) فنسخ بعض المدة وبقي باقيها على الوجوب. ولان النبي صلى الله عليه وسلم أمر فريعة بالسكنى في بيتها من غير استئذان الورثة ولو لم تجب السكنى لم يكن لها أن تسكن الا باذنهم كما أنها ليس لها أن تتصرف في شئ من مال زوجها بغير اذنهم ولنا ان الله تعالى إنما جعل للزوجة ثمن التركة أو ربعها وجعل باقيها لسائر الورثة، والسكن من التركة فوجب أن لا يستحق منه أكثر من ذلك ولأنها بائن من زوجها فأشبهت المطلقة ثلاثا. وأما إذا كانت حاملا وقلنا لها السكنى فلأنها حامل من زوجها فوجب لها السكنى قياسا على المطلقة.
فأما الآية التي احتجوا بها فإنها منسوخة وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم فريعة بالسكنى فقضية في عين يحتمل انه عليه السلام علم أن الوارث يأذن في ذلك أو يكون الامر يدل على وجوب السكنى عليها ويتقيد ذلك بالامكان واذن الوارث من جملة ما يحصل الامكان به، فإذا قلنا لها السكنى فهي أحق بسكنى المسكن الذي كانت تسكنه من الورثة والغرماء من رأس مال المتوفى ولا يباع في دينه بيعا يمنعها السكنى فيه حتى تقضي العدة وبهذا قال ومالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور العلماء. وان تعذر المسكن فعلى الوارث أن يكتري لها مسكنا من مال الميت فإن لم يفعل أجبره الحاكم وليس لها أن تنتقل من مسكنها الا لعذر كما ذكرنا وان اتفق الوارث والمرأة على نقلها عنه لم يجز لأن هذه السكنى يتعلق بها حق الله تعالى لأنها تجب للعدة والعدة بتعلق بها حق الله تعالى فلم يجز اتفاقهما على ابطالها بخلاف سكنى النكاح فإنها حق لهما ولان السكنى ههنا من الاحداد فلم يجز الاتفاق على تركها كسائر خصال الاحداد، وليس لهم ان