(فصل) وما لا يجوز أخذه قصاصا لا يجوز بتراضيهما واتفاقهما عليه لأن الدماء لا تستباح بالاستباحة والبذل، وكذلك لو بذلها له ابتداء لا يحل أخذها، ولا يحل لاحد قتل نفسه ولا قطع طرفه فلا يحل لغيره ببذله، فلو تراضيا على قطع إحدى اليدين بدلا عن الأخرى فقطعها المقتص سقط القود لأن القود سقط في الأولى باسقاط صاحبها، وفي الثانية باذن صاحبها في قطعها ودياتهما متساوية، وهذا قول أبي بكر ولذلك قال: لو قطع المقتص اليد الأخرى عدوانا لسقط القصاص لأنهما تساويا في الألم والدية والاسم فتقاصا وتساقطا، ولان ايجاب القصاص يفضي إلى قطع يدي كل واحد منهما واذهاب منفعة الجنس والحاق الضرر العظيم بهما جميعا، ولا تفريع على هذا القول لوضوحه، وكل واحد من القطعين مضمون بسرايته لأنه عدوان، وقال ابن حامد إن كان أخذها عدوانا فلكل واحد منهما القصاص على صاحبه، وان أخذها بتراضيهما فلا قصاص في الثانية لرضا صاحبها ببذلها واذنه في قطعها، وفي وجوبه في الأول وجهان (أحدهما) يسقط لما ذكرنا (والثاني) لا يسقط لأنه رضي بتركه بعوض لم يثبت فكان له الرجوع إلى حقه كما لو باعه سلعة بخمر وقبضة إياه فعلى هذا له القصاص الا أنه لا يقتص الا بعد اندمال الأخرى وللجاني دية يده فإذا وجب للمجني عليه دية يده وكانت الديتان واحدة تقاصا وان كانت إحداهما أكبر من الأخرى كالرجل مع المرأة وجب القصاص لصاحبه (فصل) وإذا قال المقتص للجاني اخرج يمينك لاقطعها فأخرج يساره فقطعها فعلى قول
(٤٣٩)