من لم يقتص فعلى هذا لو سرى القطعان جميعا فمات الجاني والمستوفي فهما هدر. وقال أبو حنيفة يجب ضمان كل واحد منهما لأن سراية كل واحد منهما مضمونة ثم يتقاصان فيسقطان، وقال الشافعي إن مات المجني عليه أولا ثم مات الجاني كان قصاصا لأنه مات من سراية القطع فقد مات بفعل المجني عليه، وإن مات الجاني فكذلك في أحد الوجهين وفي الآخر يكون موت الجاني هدرا ولولي المجني عليه نصف الدية، فأما إن سرى أحد القطعين دون صاحبه فعندنا هو هدر لا ضمان فيه، وعند أبي حنيفة يجب ضمان سرايته، وعند الشافعي إن سرت الجناية فهي مضمونة وإن سرى الاستيفاء لم يجب ضمانه ومبنى ذلك على ما تقدم من الخلاف (فصل) وأن اندمل جرح الجناية فاقتص منه ثم انتقض فسرى فسرايته مضمونة وسراية الاستياء غير مضمونة لأنه اقتص بعد جواز الاقتصاص فعلى هذا لو قطع يد رجل فبرأ فاقتص ثم انتقض جرح المجني عليه فمات فلوليه قتل الجاني لأنه مات من جنايته، وإن عفا إلى الدية فلا شئ له لأنه استوفى بالقطع ما قيمته دية وهو يداه وإن سرى الاستيفاء لم يجب أيضا شئ لأن القصاص قد سقط بموته والدية لا يمكن إيجابها لما ذكرنا، وإن كان المقطوع بالجناية يدا فوليه بالخيار بين القصاص في النفس وبين العفو إلى نصف الدية ومتى سقط القصاص بموت الجاني أو غيره وجب نصف الدية في تركة الجاني أو ماله إن كان حيا.
(فصل) ولو قطع كتابي يده مسلم فبرأ أو اقتص ثم انتقض جرح المسلم فمات فلوليه قتل الكتابي والعفو إلى أرش الجرح وفي قدره وجهان