(الثاني) أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم فاضلا عن نفقة نفسه اما من ماله واما من كسبه. فأما من لا يفضل عنه شئ فليس عليه شئ لما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه فإن فضل فعلى عياله فإن كان فضل قرابته " وفي لفظ " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول " حديث صحيح وروى أبو هريرة ان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله عندي دينار قال " تصدق به على نفسك قال عندي آخر قال تصدق به على ولدك قال عندي آخر قال تصدق به على زوجك قال عندي آخر قال تصدق به على خادمك قال عندي آخر قال أنت أبصر " رواه أبو داود، ولأنها مواساة فلا تجب على المحتاج كالزكاة (الثالث) أن يكون المنفق وارثا لقول الله تعالى (وعلى الوارث مثل ذلك) ولان بين المتوارثين قرابة تقتضي كون الوارث أحق بمال الموروث عن سائر الناس فينبغي أن يختص بوجوب صلته بالنفقة دونهم فإن لم يكن وارثا لعدم القرابة لم تجب عليه النفقة لذلك، وان امتنع الميراث مع وجود القرابة لم يخل من ثلاثة أقسام:
(أحدها) أن يكون أحدهما رقيقا فلا نفقة لأحدهما على صاحبه بغير خلاف لأنه لا ولاية بينهما ولا ارث فأشبه الأجنبيين، ولان العبد لا مال له فتجب عليه النفقة وكسبه لسيده ونفقته على سيده فيستغني بها عن نفقة غيره