(والرواية الثانية) جنايته هدر وهذا قول أكثر أهل العلم منهم ربيعة ومالك والثوري والشافعي وأصحاب للرأي وهي أصح لأن عامر بن الأكوع بارز مرحبا يوم خيبر فرجع سيفه على نفسه فمات ولم يبلغنا ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بدية ولا غيرها ولو وجبت لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه جنى على نفسه فلم يضمنه غيره كالعمد ولان وجوب الدية على العاقلة إنما كان مواساة للجاني وتخفيفا عنه وليس على الجاني ههنا شئ يحتاج إلى الإعانة والمواساة فيه فلا وجه لايجابه. ويفارق هذا ما إذا كانت الجناية على غيره فإنه لم تحمله العاقلة لأجحف به وجوب الدية لكثرتها. فأما ان كانت الجناية على نفسه شبه عمد فهل تجرى مجرى الخطأ؟ على وجهين (أحدهما) هي كالخطأ لأنها تساويه فيما إذا كانت على غيره (والثاني) لا تحمله العاقلة لأنه لا عذر له فأشبه العمد المحض (فصل) وأما خطأ الإمام والحاكم في غير الحكم والاجتهاد فهو على عاقلته بغير خلاف إذا كان مما تحمله العاقلة وما حصل باجتهاده ففيه روايتان (إحداهما) على عاقلته أيضا لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه بعث إلى امرأة ذكرت بسوء فأجهضت جنينها فقال عمر لعلي عزمت عليك لا تبرح حتى تقسمها على قومك ولأنه جان فكان خطؤه على عاقلته كغيره (والثانية) هو في بيت المال وهو مذهب الأوزاعي والثوري وأبي حنيفة وإسحاق لأن الخطأ يكثر في أحكامه واجتهاده فايجاب عقله على عاقلته يجحف بهم ولأنه نائب عن الله تعالى في أحكامه وأفعاله فكان أرش جنايته في مال الله سبحانه وللشافعي قولان كالروايتين
(٥١٠)