ذلك فأكله فعليه القود لأنه يقتل غالبا. وقال الشافعي في أحد قوليه لا قود عليه لأنه أكله مختارا فأشبه ما لو قدم إليه سكينا فطعن بها نفسه. ولان انس بن مالك روى أن يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقتلها النبي صلى الله عليه وسلم. وقال يجب القود؟ فيه قولان ولنا خبر اليهودية فإن أبا سلمة قال فيه: فمات بشر بن البراء فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقتلت.
أخرجه أبو داود ولان هذا يقتل غالبا ويتخذ طريقا إلى القتل كثيرا فأوجب القصاص كما لو أكرهه على شربه، فأما حديث أنس فلم يذكر فيه ان أحدا مات منه. ولا يجب القصاص إلا أن يقتل به ويجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتلها قبل أن يموت بشر بن البراء فلما مات ارسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم فسألها فاعترفت فقتلها، فنقل أنس صدر القصة دون آخرها ويتعين حمله جميعا بين الخبرين، ويجوز أن يترك قتلها لكونها ما قصدت بشر بن البراء إنما قصدت قتل النبي صلى الله عليه وسلم فاختل العمد بالنسبة إلى بشر، وفارق تقديم السكين لأنها لا تقدم إلى إنسان ليقتل بها نفسه إنما تقدم إليه لينتفع بها وهو عالم بمضرتها ونفعها فأشبه ما لو قدم إليه السم وهو عالم به. فأما ان خلط السم بطعام نفسه وتركه في منزله فدخل انسان فأكله فليس عليه ضمان بقصاص ولا دية لأنه لم يقتله وإنما الداخل قتل نفسه فأشبه ما لو حفر في داره بئرا فدخل رجل فوقع فيها وسواء قصد بذلك قتل الآكل مثل أن يعلم ظالما يريد هجوم داره فترك السم في الطعام ليقتله فهو كما لو حفر بئرا في داره ليقع فيها اللص