عباس كان في بني إسرائيل القصاص ولم يكن فيهم الدية فأنزل الله تعالى هذه الآية (كتب عليكم القصاص في القتلى) الآية (فمن عفي له من أخيه شئ) فالعفو أن تقبل في العمد الدية (فاتباع بالمعروف) يتبع الطالب بالمعروف ويؤدي إليه المطلوب (باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة مما كتب على من قبلكم) رواه البخاري وروى أبو هريرة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى وإما يقاد " متفق عليه وروى أبو شريح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل وأنا والله عاقلة فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وان أحبوا أخذوا الدية " رواه أبو داود وغيره، ولان القتل المضمون إذا سقط فيه القصاص من غير ابراء ثبت المال كما لو عفا بعض الورثة ويخالف سائر المتلفات لأن بدلها يجب من جنسها وههنا يجب في الخطأ وعمد الخطأ من غير الجنس فإذا رضي في العمد ببدل الخطأ كان له ذلك لأنه أسقط بعض حقه، ولان القاتل أمكنه إحياء نفسه ببذل الدية فلزمه وينتقض ما ذكروه بما إذا كان رأس الشاج أصغر أو يد القاطع أنقص فإنهم سلموا فيهما (فصل) واختلفت الرواية في موجب العمد فروي عن أحمد رحمه الله أن موجبه القصاص عينا لقوله عليه السلام " من قتل عمدا فهو قود " ولما ذكروه في دليلهم، وروي أن موجبه أحد شيئين القصاص أو الدية لما ذكرناه قبل هذا ولان الدية أحد بدلي النفس فكانت بدلا عنها لاعن بدلها كالقصاص. وأما الخبر فالمراد به وجوب القود ونحن نقول به ويخالف القتل سائر المتلفات لأن بدلها لا يختلف بالقصد وعدمه والقتل بخلافه وللشافعي قولان كالروايتين فإذا قلنا موجبه القصاص عينا فله العفو إلى الدية والعفو مطلقا فإذا عفا مطلقا لم يجب شئ وهذا ظاهر مذهب الشافعي، وقال بعضهم تجب
(٤٧٤)