من نشأ في غير بلاد الاسلام فأما من أقام في بلاد الاسلام بين أهله فلا يخفى عليه تحريم القتل ولا يعذر في فعله، ومتى كان العبد يعلم تحريم القتل فالقصاص عليه ويؤدب سيده لامره بما أفضى إلى القتل بما يراه الإمام من الحبس والتعزير وإن كان غير عالم بخطره فالقصاص على سيده ويؤدب العبد قال أحمد يضرب ويؤدب ونقل عنه أبو طالب قال يقتل الولي ويحبس العبد حتى يموت لأن العبد سوط المولى وسيفه كذا قال علي وأبو هريرة وقال علي رضي الله عنه يستودع السجن وممن قال بهذه الجملة الشافعي وممن قال إن السيد يقتل علي وأبو هريرة وقال قتادة يقتلان جميعا وقال سليمان بن موسى لا يقتل الآمر ولكن يديه ويعاقب ويحبس لأنه لم يباشر القتل ولا ألجأ إليه فلم يجب عليه قصاص كما لو علم العبد خطر القتل ولنا أن العبد إذا كان غير عالم بخطر القتل فهو معتقد اباحته وذلك شبهة تمنع القصاص كما لو اعتقده صيدا فرماه فبان انسانا ولان حكمة القصاص الردع والزجر ولا يحصل ذلك في معتقد الإباحة وإذا لم يجب عليه وجب على السيد لأنه آلة له لا يمكن ايجاب القصاص عليه فوجب على المتسبب به كما لو أنهشه حية أو كلبا أو ألقاه في زبية أسد فأكله ويفارق هذا ما إذا علم خطر القتل فإن القصاص على العبد لامكان ايجابه عليه وهو مباشر له فانقطع حكم الآمر كالدافع مع الحافر ويكون على السيد الأدب لتعديه بالتسبب إلى القتل (فصل) ولو أمر صبيا لا يميز أو مجنونا أو أعجميا لا يعلم خطر القتل فقتل فالحكم فيه كالحكم في العبد يقتل الآمر دون المباشر ولو امره بزنا أو سرقة لم يجب الحد على الآمر لأن الحد لا يجب الا على المباشر والقصاص يجب بالتسبب ولذلك وجب على المكره والشهود في القصاص (فصل) ولو أمر السلطان رجلا فقتل آخر فإن كان القاتل يعلم أنه لا يستحق قتله فالقصاص عليه دون الآمر لأنه غير معذور في فعله فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " وعنه عليه السلام أنه قال " من أمركم من الولاة بغير طاعة الله تعالى فلا تطيعوه " فلزمه القصاص كما لو امره غير السلطان فإن لم يعلم ذلك فالقصاص على الآمر دون المأمور لأن المأمور معذور لوجوب طاعة الإمام فيما ليس بمعصية والظاهر أنه لا يأمر الا بالحق وان امره غيره السلطان من الرعية بالقتل فقتل فالقود على المأمور بكل حال علم أو لم يعلم لأنه لا يلزمه طاعته وليس له القتل
(٤٧٩)