ولنا ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية المرأة على عاقلتها. متفق عليه وهذا يقتضي أنه قضى بجميعها عليهم ولأنه قاتل لم تلزمه الدية فلم يلزمه بعضها كما لو أمره الإمام بقتل رجل فقتله يعتقد أنه بحق فبان مظلوما ولان الكفارة تلزم القاتل في مائه وذلك يعدل قسطه من الدية وأكثر منه فلا حاجة إلى إيجاب شئ من الدية عليه (فصل) والكفارة في مال القاتل لا يدخلها تحمل، وقال أصحاب الشافعي في أحد الوجهين تكون في بيت المال لأنها تكثر فايجابها في ماله يجحف به ولنا أنها كفارة فلا تجب على غير من وجد منه سببها كسائر الكفارات وكما لو كانت صوما، ولان الكفارة شرعت للتكفير عن الجاني ولا يكفر عنه بفعل غيره، ويفارق الدية فإنها إنما شرعت لجبر المحل وذلك يحصل بها كيفما كان، ولان النبي صلى الله عليه وسلم لما قضى بالدية على العاقلة لم يكفر عن القاتل وما ذكروه لا أصل له، ولا يصح قياسه على الدية لوجوه (أحدها) أن الدية لم تجب في بيت المال لأنها إنما وجبت على العاقلة ولا يجوز أن يثبت حكم الفرع مخالفا لحكم الأصل (الثاني) أن الدية كثيرة فايجابها على القاتل يجحف به والكفارة بخلافها (الثالث) أن الدية وجبت مواساة للقاتل وجعل حظ القاتل من الواجب الكفارة فايجابها
(٤٩٨)